حسب معطيات لشهر أغسطس 36 مشروع العملات المشفرة من أصل المائة الأولى فقط لها منتج عملي. يطرح سؤال: كيف تستمر الـ64 الباقية في البقاء واجتذاب المستثمرين؟ شاركنا رأيه في ذلك أنتوني سي مؤسس Hodlbot.
لكي نفهم لماذا السوق الفعالة تحتاج إلى أن تكون فيها بعض العناصر هشة أريد أن أقتبس بعض الأفكار الهامة من نسيم نيكولاس طالب.
الهشة والموزونة ومضادة للهش
وصف طالب في كتابه "مضاداة الهشاشة" ثلاث صفات
- الهشاشة هي التضرر من التقلب.
- التوازن هو المقاومة للتقلب.
- مضاداة الهشاشة هي كسب الربح من التقلب.
نفهم جيداً معنى الهشاشة والتوازن لأننا نصادفهما في حياتنا اليومية باستمرار.
أما فهم مضاداة الهشاشة والقدرة على التعزز في ظروف التغيرات والتوتر أصعب علينا.
تتمتع أجسادنا بهذه الصفة بعض الشيء. ممارسة الرياضة مثلاً هو إجهاد لخلايا الجسم، وإسراع الأيض يؤدي إلى ظهور الجذور الحرة الضارة ، لكن الجسم يتعافى ويصبح أقوى.
قد يكون الإجهاد مميتاً للفرد في بعض الأحيان لكن الجماهير المكونة من الناجين تصبح أكثر صحة وذلك ليس لأنهم أصبحوا أكثر مقاومة وإنما فقط لأن الضعفاء قد زالوا.
يسمي طالب هذه الآلية بنقل مضاداة الهشاشة من الفرد إلى المجتمع مؤكداً أن هشاشة الإنسان شرط لا بد منه لتعزيز المجتمع.
وهكذا كي تكون سوق العملات المشفرة مضادة للهشاشة عموماً يجب أن تكون بعض العملات المشفرة هشة.
يُشَبّه الكثيرون العملات المشفرة بفقاعات الدوت كوم على تخوم القرنين.
أظن أنه تشابه جيد لكن شركات الإنترنت الناشئة لذاك الوقت كانت أكثر هشاشة بكثير من العملات المشفرة الحالية وسرعان ما احترقت.
كانت تنطلق معظم الدوت كومات من الفلسفة "إما أن تكبر أو تموت" لذا كانت تزرع كل الموارد المتاحة لتنمو سريعاً حتى ولو كان ثمن ذلك الخسائر الجارية.
كانوا يزيدون عدد أفراد العمل بفضل الدعم من قبل المستثمرين المجازفين وكانوا ينفقون على الإعلانات ويوزعون منتجاتهم مجاناً، كما وكانوا يحيون سهرات فخمة ويستأجرون مكاتب غالية.
بفضل الفكرة أن "النمو أهم من الربح" وهالة "الاقتصاد الجديد" آمنت هذه الشركات بحصانتها. ولو أن متسوى المغامرة كهذا كان فوق الحد وحتى قاتلاً للبعض منها إلا أنه أضحى لصالح السوق عموماً وذلك لأن الأعمال المعسرة كانت سرعان ما تخرج من اللعب.
قبل حلول عام 2004 انهارت 52% من "الدوت كومات" المؤسسة بعد عام 1996.
تموت العملات المشفرة بصورة أبطأ
حسب معطيات Coinopsy.com في شهر أغسطس عام 2018 توقفت 350 عملة مشفرة عن الوجود، وهذا 10% تقريباً من الوفيات لأن عددها كلها يزيد عن ثلاثة آلاف.
كما تسجل Coinopsy كذلك سبب الموت لكل قطعة نقدية من قائمتها. لنذكر الأساسية منها.
الأسباب الثلاثة من أصل الخمسة الرئيسية هي: المشروع مهجور، وحجم التداول منخفض ، و ICO فاشل، كل هذا أعراض المشروع الذي قلّ من اهتم بأمره وقلّ من استعد على الاستثمار فيه.
كان الوضع مختلفاً لدى شركات الإنترنت التي كانت تترك الأعمال التجارية ليس بسبب فقدان التمويل أو الاهتمام بمنتجها، بل لأنها كانت تصرف المال كثيراً للغاية.
العملات المشفرة مأمونة فوق الحد
تتعرض العملات المشفرة للضغط الاقتصادي الذي يكاد يعادل الصفر، وليس ثمة شيء يجعلها مضطرة على الكسب:
- بعد ICO الناجح تظهر لدى المشاريع وسادة مالية ضخمة وبإمكانها إنفاقها لفترة طويلة جداً.
- التكاليف الاستهلاكية غير كبيرة وذلك لأن جزءها الأعظم انتقل إلى عاتق المشاركين في الشبكة على شكل تعدين.
- بخلاف الأعمال التجارية التقليدية لا يوجد هنا ضغط متعلق بضرورة الكسب وقبض الربح إذ تُقدّر المشاريع بكيفية الكود وليس بقدرتها على كسب الإيراد.
- ليس لدى المؤسس أي دافع لإغلاق المشروع، إنما يكفيه التوقف عن المشاركة فيه. أما المشروع يتطور بنفسه مثل Dogecoin أو اللايتكوين.
البلوكشينات موزونة ومأمونة على حساب وفرتها:
- يصعب الموت كثيراً على البلوكشين اللامركزي فما دام ولو معدّن واحد على قيد الحياة يستمر عمل الشبكة.
- البلوكشين مخطط بوفرة وقادر تماماً على تحمل الأخطاء.
- كما أن البلوكشين لا يخاف من الجدالات في الفريق إذ يجوز إجراء تشعب كما حدث مع Bitcoin Cash و Ethereum Classic.
المستثمرون مهتمون بجلب الرأسمال الجديد، فالعملات المشفرة تخرج الاستثمارات الاجتماعية إلى مستوى جديد تماماً:
- تجتذب العملات المشفرة الرأسمال بسهولة وذلك لوجود لديها الوصول إلى الأسواق الدولية والمستثمرين الأفراد.
- تقبض العملات المشفرة التي تتاجر في السوق الثانوية المكافأة على السيولة ما يساعد المؤسسين على اجتذاب الرأسمال بتقدير مربح أكثر.
- ليس لدى العملات المشفرة آلية التقييم الأساسي لذا يمكن أن يحدث النمو المضارب بلا نهاية.
- المستثمرون مهتمون بأمر الإعلان عن المشروع واجتذاب المشاركين الجدد وخصوصاً إذا كانت الأمور تسير بشكل سيء.
- يتظاهر الكثير من المستثمرين أنهم قرؤوا الوصف الفني للمشروع، ولكن عملياً قلّ من يتدقق في التفاصيل إذ يصعب التفريق بين المشروع الجيد والسيء.
- يستطيع المستثمرون من الشركات السعي وراء أهدافهم الخاصة والضغط على الفريق، لكن تنظيم الإجماع بين آلاف المستثمرين الفرديين صعب.
التدمير المبدع
علينا إما أن نتعلم التقييم الأساسي لمشاريع العملات المشفرة أو أن نختلق آلية ما ترفع من نفقات الحضور في السوق للمشاريع السيئة.
إذا بقيت كل عملة مشفرة متوازنة ستعاني من ذلك السوق بأكملها.
قد لا يطابق رأي المؤلف موقف هيئة التحرير