الحياة المستأجرة
الصفحة الرئيسية طريقة الحياة

عندما يتغير العالم تتطور عقلية الناس. يقول شريك شركة MadeByMany ليزلي برادشو أن المستهلكين اليوم لا يحتاجون إلى تملك أي شيء فمن الأسهل بكثير استئجاره.ما هو الجيد في إمكانية استئجار كل شيء في الحياة؟

كانت علامات النجاح في وقت سابق بسيطة وواضحة: لديك بيت (أو اثنين) و سيارة (أو اثنتين) و بهذا لقد جسدت الحلم الأميركي. ولكن في الوقت الحاضر يكثر الأمريكيون الذين يعتقدون أن الملكية بحد ذاتها لا تجلب السعادة.

تبين العديد من الدراسات الاجتماعية :أن الأشخاص الذين ولدوا في بداية القرن الحادي والعشرين، لا يتملكون المنازل والسيارات. و أغلى الأشياء التي يشترونها هي الهواتف الذكية و الباقي يستأجرونه. لذلك قد أطلق عليهم اسم "جيل المستأجرين". تحتار الشركات كيف تبيع شيئا ما للأشخاص الذين لا يريدون التملك. إن تفسير سلوك "جيل الصفر" هو اقتصادي في الأساس(كما في حالة عدم الرغبة في تكوين الأسرة). ولكن ليس هذا فقط.

أهم تغيير هو تغير نظام القيم.

يقيم جيل الصفر النجاح بطريقة تختلف عن طريقة أجداده: فهو لا يحتاج إلى التملك بل يحتاج إلى الاستخدام. وهذا ليس بالضرورة بسبب البطالة أو بسبب السعي للتوفير.

"أقوم باستئجار معظم الأشياء في هذه الصورة: أريكة، كراسي، طاولات و حتى البساط. ربما مع الوقت سوف أمتلك منزلا و عندها ربما أشتري الأثاث وربما لن أشتريه هذا ينطبق على الوضع"

أنا نفسي آتية من جيل الصفر وأعرف هذا النهج. أكسب جيدا وأوفر مبالغا كبيرة من المال. لكني أتعمد استئجار الشقة و الأثاث. هذا يعطيني مرونة أكثر في جميع نواحي الحياة :المالية، الروحية و الجغرافية. لقد نشأت في قرية في ولاية أوريغون وحلمت أن أعيش في نيويورك أو لندن ،أن أرتدي بدلة و نظارات،أن أتحدث بسرعة ، أن أمتلك عدة شقق و ربما حتى سائقا شخصيا (تماما كما في الأفلام). ولكن اتضح أن الجانب المادي من الحياة لا يهمني. بدلا من السائق الشخصي لدي جهاز الهاتف الذكي وتطبيق Uber و Lyft. بدلا من امتلاك عدة شقق في مناطق جيدة، لدي Airbnb في جهاز كمبيوتري. نعم، أنا أعيش في نيويورك، غالبا ما أرتدي بدلة ونظارات، أفكر و أتحدث بسرعة ولكن ليس لدي أي تعلق بالأشياء المادية. تعيش أختي وأصدقائي بطريقة مماثلة. هذا يوفر لنا المرونة في الحياة ونحن لا نستطيع حيازة الأشياء بل نستطيع استخدامها. لقد تخلصت من الحاجة إلى الامتلاك. و هي ليست مجرد حرية مالية بل روحية أيضا.

تتغير أنماط الاستهلاك ليس في جيل الصفر فقط. كتب جيمس هامبلين في إصدارأكتوبر ل The Atlantic:

"تظهر البحوث النفسية التي نشرت في العقد الماضي أن استخدام الأشياء أكثر جاذبية من امتلاكها".

أسس هاملين أقواله على أساس إصدار أغسطس في مجلة العلوم النفسية لمؤلفيه: توماس غيلوفيتش، مات كيلينغسفورت و أميت كومار. لقد وجد العلماء أن " شراء التجربة في استخدام الأشياء هي أكثر إرضاء من شراء الأشياء ذاتها".

يشير جيمس هامبلين: "إن الأيفون، الملابس، و السيارات هي مجرد إكسسوارات. وتصبح قديمة و بالية. يحب الناس لحظة شراء الأشياء نفسها . قد تكون المشتريات من جودة منخفضة أو قصيرة الأجل لكن الذكرة من لحظة الشراء تبقي بشعور الدفء".

النقاط الرئيسية الثلاث من مقالة جيمس هامبلين:

  • " لا يهتم الناس بالاستماع إلى قصص الآخرين عن مشترياتهم، ولكن يهتمون بقصصهم عن ذهابهم إلى حفلة فرقتهم المفضلة" (أميت كومار).
  • "حتى التجربة السيئة تكون مثيرة أكثر".
  • " إن المشاجرات في طوابير للحصول على السلع المادية هي ليست نادرة. وهي في الحقيقة مظهر من مظاهر الرغبة في اكتساب الخبرة. إن التفاعل الاجتماعي هو أحد الأركان الأساسية للسعادة و كلما كان الناس أكثر ودية في تواصلهم مع بعضهم البعض، كل ما كان الوضع أفضل" (أميت كومار).

غير الإنترنت الأنماط الاستهلاكية بشكل كبير: لقد تحول التركيز من التملك إلى الاستخدام وخصوصا أنه قد أصبح الوصول السريع و التغير في المنتجات الآن أكثر من أي وقت مضى. وإليك بعض الأمثلة على كيفية تطبيق نهج "الاستئجار والتحميل و التمتع بالحياة" في الحياة الواقعية:

  • هناك وصول مجاني تقريبا أو حتى مجاني كليا إلى أي معلومة في وسائل الإعلام. لقد أتى عصر ال Netflix، Hulu، Spotify، Pandora و الكتب الصوتية.
  • يوفرتدفق الخدمات القائمة على الحوسبة و تخزين البيانات على السحابة عدم الارتباط الدائم بكمبيوترك الشخصي. يوجد لدى التملك محدودية على عكس الوصول في الإنترنت.
  • إن التغيير في الصيغ و تدفق المعلومات الجديدة المستمر يقلل من جاذبية التملك. لماذا أختار من سلع اليوم إذا يمكن أن يتغير كل شيء غدا ؟

تزيد الشركات بشكل متزايد من اهتمامها بالخدمات عوضا عن المنتجات الملموسة. قد نجحت بعض الشركات من خلال التركيز على توفير إمكانية الوصول الفوري إلى الخدمات التي تحدد نمط الحياة.

"يمكنك استئجار حتى القمصان القبيحة لحفلات مجنونة. فلن تكون هذه القمصان مفيدة في أي مكان آخر. سيكون من الجيد أيضا إذا كان من الممكن استئجار الملابس الموسمية بسعر معقول. أنا متأكد من أنه سيتم إضافة هذه الخدمة قريبا".

  • عندما تكون غير قادر على إيقاف سيارة أجرة قم بإخراج هاتفك الذكي و اتصل ب Uber أو Lyft. كيف يختلف ذلك عن إمتلاك سائق خاص ؟
  • يوفر Rent the Runway خدمة لاستئجار الملابس لكافة أنواع الحفلات و التي تتضمن "الكنزات القبيحة". يوجد اشتراك شهري ب $49.99. (أنا في انتظار اليوم الذي سيمكنني من استئجار كل ما أحتاجه من الملابس تقريبا. فمع كل انتقال إلى شقة جديدة ، قمت بتسليم أو بيع مجموعة من الملابس لأن بعضها تصبح صغيرة أو كبيرة و يختلف المناخ في مناطق مختلفة).
  • تقدم Umba و Birch Box خدمات اشتراك (هناك حتى حمالات للأطفال) و Bark Box (حمالات للكلاب). هذا بمثابة بوفيه للحمالات و يتم تقييم المنتجات الجديدة على أساس شهري.
  • إن مبيعات الخصومات على مواقع مثل One Kings Lane и Gilt هي متعة بحد ذاتها بغض النظر عن المشتريات نفسها (قد تبدأ أعمال تجارية كهذه بالتعثرعند الزيادة الحادة في عدد الزوار).

لماذا تنفق المال على شيء سيفقد قيمته ؟ (باستثناء السكن.) فقد العديد من الناس ممتلكاتهم المادية خلال الأزمة المالية مما جعلني أنا وعائلتي وأصدقائي بما في ذلك الجيل الأكبر سنا نعتقد أن العقارات ليست بأصول بل هي إلتزامات.

  • إن للعقار وقتا محددا (هناك قاعدة غير معلن عنها و هي أنه يجب تغيير البيت أو الشقة كل خمس سنوات) و يغير جيل الصفر عمله في المتوسط كل ثلاث سنوات: هذا يعطي شعورا بالحرية و يوفر فرصا جديدة.
  • و على الأغلب، يفكر الجيل العاشر بنفس الطريقة (المولودون في سنوات1965-1982). على كلا الجيلين أولا، أن يتعلموا مهارات جديدة للحفاظ على المهنة وهذا يتطلب قدرا كبيرا من المرونة. ثانيا قد ضرت الأزمة المالية بممتلكاتهم في جميع الجوانب. كل الأصول الملموسة التي يتم استهلاكها. عمي من الجيل الأخير يقوم منذ زمن باستئجار سيارة بدلا من شرائها : "لتفقد سيارة شخص آخر قيمتها كل سنة ولكن ليس سيارتي". عمي هو أحد أذكى الناس الذين أعرفهم.
  • لدى جدتي البالغة 93 عاما الكثير من المال و يمكنها أن تمتلك منزلا و سيارة. لكنها لا تريد ذلك. إنها نستأجر شقة على مقربة من الأماكن التي تزورها: البنك، المكتبة العامة، البقالية المفضلة، الحلاق. جدتي ليست من جيل الصفر لكنها تعرف كيف تحسب المال.

لذلك إن عدم الرغبة في التملك ليست مشكلة نفسية بل على العكس. باستخدامنا للأشياء مع عدم امتلاكها لا نريد الحصول على شيء واحد فقط ولكن نريد القليل من كل شيء. إن الشركات التي تطبق هذا المبدأ هي على حق تماما. نعم لا يزال معظم الأميركيين يريدون امتلاك منزلهم الخاص (أو إيجاره) ولكن الاتجاه قد تغير: من الأفضل أن تستأجر، تُحمّل و تستمتع بالحياة.

المصدر: Medium

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق