أردت في البداية كتابة هذا المقال كرد على مقال مصور لـAssociated Press من قبل حسن عمار مصور من بيروت. والمقال هو عبارة عن مجموعة من الصور التقطها عمار عندما كان يرتدي «النقاب الكامل» كوسيلة لتصوير كيف يتم إجبار بعض النساء مشاهدة العالم بسبب الممارسات المحافظة في الدولة الإسلامية. النقاب (الحجاب الذي يغطي الوجه الذي ترتديه بعض النساء المسلمات) بالنسبة لعمار جعل الأماكن الدافئة و المألوفة تبدو باردة وغير مألوفة: كانت السماء المشمسة مظللة وكانت ألوان الحياة الزاهية باهتة.
هل يمكنك الشعور بالفرق؟ (صور Associated Press/ حسن عمار)
أردت أن أخلق معادلة لفظية لرد الفعل لرفع العيون إلى الأعلى و التأوه الذي اختبرته حين النظر على مشروع عمار. كشخص يلبس النقاب في بعض الأوساط الاجتماعية، ما رأيته بدا لي بشيء أكثر قرابة من المنظور عند ارتداء البوشية وهي نوع معين من النقاب مع قطعة إضافية من القماش تستخدم لتغطية العينين، إذا رغب مرتديها. والبوشية ليست منتشرة مثل النقاب، و هي في حد ذاتها لا تتمتع بشعبية كبيرة، لكن يمكن العثورعليها في كل مكان من باكستان إلى كندا. وكلاهما أيضا ظرفيان جدا لكثير من النساء اللواتي يرتدونهم.
يعترف عمار أنه سحب النسيج الإضافي خلال عدسة كاميرته لإنشاء مفعول الصورة، وقال أنه لا يبدو أنه يرى مشكلة في استمرار التأكيد الغير الدقيق أن هذا هو حقا شكل النقاب. إنها تفاصيل صغيرة، ولكنه شيء بسيط لدرجة يمكن أن يوضح عن طريق البحث بواسطة جوجل بسهولة.
القضية الحقيقية هنا مع مقال عمار، هي محاولاته المستمرة، في كثير من الأحيان من قبل الرجال، التعليق على تجارب النساء و تنفيذهم.
دعونا نعود إلى الوراء قليلا. القضية الحقيقية هنا مع مقال عمار، هي محاولاته المستمرة، في كثير من الأحيان من قبل الرجال، التعليق على تجارب النساء و تنفيذها. إذا وضعنا جانبا نهجه الداعم لرأيه، وقد نتج المشروع الذي كان يفترض حسن النية في نهاية المطاف إلى تصويرات ضارة تهدف في نهاية المطاف إيذاء النساء المسلمات على حد سواء اللواتي يخترن ارتداء النقاب، وأولئك الذين يجبرن على ارتدائه (و في الواقع، الأشكال الأخرى للحجاب).
هذه الصور النمطية تعزز الفكرة أن النساء اللواتي يخترن تغطية أنفسهن منفصلات عن المجتمع، على الرغم من كونهن في داخله. هذه فكرة مثيرة للإهتمام عندما نرى أن عدد الدول التي تحظر أشكال النقاب أكثر من عدد من البلدان التي تجبر النساء على ارتدائها. (وبعبارة أخرى: من الذي يقوم بالعزل الاجتماعي فعلياً؟).
ولكن في حين أستطيع كتابة انتقادات على النقاط المذكورة أعلاه بوحدي، قررت بدلا من ذلك أن أفعل أمر طبيعي للشباب المدمنين على التكنولوجيا الذين في عشريناتهم من العمر: نشرت معلومات عن مشروع في الفيسبوك. نشرت المقال وطلبت من النساء اللواتي يرتدين النقاب الاتصال يي وإخباري عن كيفية رؤيتهن للعالم في الواقع. هل هو حقا مثل ما يظهر حسن عمار؟ أم أنه يختلف؟
وكان عدد من الردود التي تلقيتها في فترة قصيرة من الزمن مذهل. ردت النساء من جميع الخلفيات والأعمار والبلدان، والمهن المختلفة بحماس. بأغلبية ساحقة، لم تقتنع هؤلاء النساء بمقال عمار أو على الأقل التقديرالمنطقي الذي كان يتلقاه. أرسلن صورا لهن التقطوها من عالمهم (تلميح: إنه نفس العالم الذي نعيش به)، وكذلك القصص الشخصية. وكان الموضوع الرئيسي طوال هذه الحكايات: إنه أمر محبط عندما تشعر وكأنك تمنع من الروايات ذاتها التي تدعي أنها تكون عنك وعن «القمع» المفترض الذي تتعرض له.
وقال إمرأة واحدة تدعى فاطمة و هي متخصصة في تكنولوجيا المعلومات من كاليفورنيا أنه عندما رأت الصور لأول مرة كان رد فعلها، «آوه، يبدو أن إعدادات الكاميرا رهيبة». و إمرأة أخرى سلفية من كندا دعت نفسها زينب ضحكت بصوت عال، و خاصة حول موضوع« قمع النساء المسلمات». «لدينا عقلنا، وصوتنا، والكثير مننا تمتلكن الكاميرات الخاصة أيضا».
ثم كان هناك إمرأة أمريكية، تحدثت عن التحرش الجنسي الذي واجهته في حين ارتدائها النقاب وكان التحرش شرس لدرجة أنها شعرت بأنها مجبورة لإزالته. أخبرتني عن مدى صعوبة هذا القرار بالنسبة لها، وكيف أنها لا تزال تناضل يومياً مع المجتمع حول الطريقة التي يمليها بالتعبيرعن ذاتها.
ومن الواضح أن هذا العدد الكبير من النساء اللواتي يرتدين النقاب الذي يغطي ليس فقط أجسادهن وشعرهن، ولكن أيضا جزءا من وجوههت يرغب يقدر على أن يكون مسؤولا عن القصص التي تروى عنهم.
ألم يحن الوقت لكي يقمن بذلك؟
نعيش حاليا في العصر الذي شهد نوعا من إحياء الحركة النسائية في مجتمعات أوروبا وأمريكا ضمن ثقافة البوب وما يعنيه ذلك و يمكن أن يكون جزءا منه. فلماذا يقال لبعض النساء أن يمكنهن أن يعشن، ويرتدين، ويملكن ويفعلن ما يحلو لهن، بينما يقال للبعض الآخر ما يمكن أن يلبسوا، ويملكوا ويقوموا به؟
تم التقاط الصورة من قبل عريشي، الإمرأة المسلمة التي تعيش في باكستان
كثيرا جدا، نقع مرة أخرى ضمن تصورات القرون الاستشراقية والدلالات حول كيف يمكن للمرأة المسلمة أن تتعامل مع جسمها في الأماكن العامة. ولا شيء من هذا يتضمن حقا تنوع الخبرات والمعتقدات والأفكار التي تشكلها حياة النساء المسلمات أي المجموعة التي ندعوها بمجموعة معدومة الحقوق الفردية. لا تزال النساء المسلمات توجد في الخيال الشعبي على شكل شخصيات يمكن تعريفها بسهولة: المحجبات وغير المحجبات، المقهورات والمحررات.
تم التقاط الصورة من قبل عريشي، الإمرأة المسلمة التي تعيش في باكستان
و لكن عندما سألت زينب كيف هي كإمرأة مسلمة التي عاشت في عالمي الإسلام و النسوية ترى العالم، أجابتني بكلمة واحدة: «بوضوح». ربما يتوجب على الآخرين رؤيته بنفس الطريقة.