عشرون خرافة عن الصحة

تحوي خزينة الحكمة الشعبية الكثير من الخرافات عن الصحة. هذه الخرافات متميزة ومعروفة للجميع وعديمة الفائدة تماماً. اليوم ننزع النقاب عن عشرين خرافة منها.

الشتاء موسم الإنفلونزا، وتعرفون أن علاج الإنفلونزا هو الحليب الحار مع العسل، كما تحفظون في البراد مربى توت العليق لعلاج نزلات البرد... ولكن ما أدراكم أن هذا يمكن أن يفيدكم؟ في خزينة الحكمة الشعبية الكثير من الخرافات عن الصحة. هذه الخرافات متميزة ومعروفة للجميع وعديمة الفائدة تماماً. اليوم ننزع النقاب ولو عن عشرين خرافة فقط من تلك الخرافات التي لا تحصى.

لا يوجد أي تأكيد طبي للمعتقد بأن الخروج إلى الشارع في الطقس البارد وشعرك مبلل يؤدي إلى تطور المرض، بشرط ألا تصاب بفرط التبريد.

ولكن يوجد تفسير لزيادة نزلات البرد في الشتاء: بما أننا نقضي وقتاً أطول داخل المباني في الشتاء يزداد احتمال التعرض للفيروسات التي تسبب نزلات البرد، والتي تنتقل من شخص إلى شخص.

من أكثر النصائح المتعلقة بالحمية رواجاً ألا تتناول أي طعام بعد السادسة مساءً.

إلا أن الدراسات لم تؤكد أن السعرات الحرارية التي تتناولها مساءً (أو حتى ليلاً) تختلف عن السعرات الحرارية «الصباحية». تحصل زيادة الوزن عندما يحصل الناس مع الطعام على طاقة أكثر مما يحرقونه بصرف النظر عن توقيت تناول الطعام.

أما الفطور فمن الأفضل أن تتناوله بنفسك، إذ تشير بعض الدراسات إلى علاقة إحصائية بين عدم تناول الفطور وزيادة الوزن، وسرّ ذلك بسيط: إذا تركت وجبةً يزداد احتمال أن تأكل أكثر في الوجبة القادمة. أما عندما تأكل بانتظام ينخفض احتمال الإفراط في تناول الطعام.

احرق سعرات حرارية أكثر مما تتناوله ولن يزداد وزنك بصرف النظر عن وقت تناولك لعشائك.

الفيتامينات تبدو فكرة جذابة. تصور: كل ما تحتاجه تجده في حبة فيتامين واحدة! حبذا لو كان لهذه الحبة مفعول، إلا أن عقوداً من البحوث لم تجد أي أساس لضرورة تناول حبوب الفيتامينات، بل أكثر من ذلك: هذه الحبات غدت متهمة بأنها تزيد خطر تطور أمراض سرطانية.

الإفراط في تناول الكحول يمكن بلا شك أن يؤدي إلى توعُّك. ولكن لا علاقة لهذا بترتيب تناول المشروبات. تقول جوليا تشتستر، الأستاذ في البيولوجيا العصبية السلوكية في جامعة بيرديو:

«لا يوجد دليل على أن ترتيب تناول المشروبات الروحية يؤثر على التوعُّك».

ورغم ذلك، من الغريب أن لهذه المشاهدة بعض الأساس من الصحة: فمن ينتقل من البيرة إلى المشروبات المخلوطة (بعد أن تضعف أحاسيسه ويتغيم وعيه) من المرجح ألا يعود يدرك كمية المشروبات المتناولة، ومن ثم قد يتجاوز الجرعة الآمنة دون أن يشعر بذلك.

تشير بعض الدراسات إلى أن جسم الإنسان يمتص المشروبات المخلوطة أسرع من المشروبات الثقيلة (مثل قدح من الويسكي). ولذلك، نظرياً، يمكن أن تؤدي إضافة مشروب ثقيل إلى معدة فيها بيرة إلى تشكل نوع من الكوكتيل الذي يمتصه الجسم أسرع مما لو كانت كل واحدة من مكوناته مفصولة.

إذن، نسمي هذه الخرافة صحيحة جزئياً.

تكمن جذور الخرافة عن ضرر غلوتامات الصوديوم على الصحة من رسالة كتبها أحد الأطباء إلى المجلة الطبية New England Journal of Medicine في سنة 1968. وفي هذه الرسالة استُخدم لأول مرة مصطلح «متلازمة المطعم الصيني» الذي لا يزال مستخدماً اليوم لوصف مختلف الأعراض، منها التنميل والوهن العام.

عزا الطبيب تطور هذه الأعراض لغلوتامات الصوديوم، إلا أن البحوث لم تجد أي علاقة بينها. حسب معطيات الجمعية الكيميائية الأمريكية، فإن «غلوتامات الصوديوم يمكن أن يكون له تأثير مؤقت على أقلية من الناس إذا تناولوه بكميات ضخمة على الريق، لكنه آمن تماماً بالنسبة للأغلبية الساحقة من الناس».

هذا منطقي، لأن غلوتامات الصوديوم ليس إلا ملحاً من أملاح حمض الغلوتاميك. إذا تناول المرء أطناناً من الطعام أو تناول الملح العادي بالملاعق فهذا يمكن أن يؤدي إلى وعكة صحية، فيفسرها بتناول «محسنات الطعم الضارة».

الحليب يحوي الكالسيوم، والكالسيوم يقوي العظام؛ هذا ما يعرفه الجميع. ولكن الدراسات العديدة تشير إلى أن تناول كميات كبيرة من الحليب (وكذلك تناول مضافات غذائية من الكالسيوم والفيتامين D)‎ لا ترتبط أبداً بانخفاض عدد الكسور.

وجدت بعض الدراسات علاقة بزيادة الوفيات العامة، ومع أن ذلك لا يعني أن سبب ذلك هو تناول الحليب، إلا أن الاستنتاج العام لن يكون لصالح الإكثار من الحليب.

اكتشف الباحثون أن زيادة مدخول الكافئين عند البالغين يمكن أن تخفض بشكل طفيف امتصاص الكالسيوم، إلا أن هذا التأثير ضعيف لدرجة أن ملعقة حليب واحدة تعوض أثر شرب فنجان قهوة.

يخسر الجسم الحرارة عبر أي ناحية مكشوفة، حسب ما يقول آرون كارول وريتشل فريمان مؤلفا كتاب «لا تبلع العلكة! الخرافات وأنصاف الحقائق والكذب الصريح عن جسمك وصحتك» ‎(Don't swallow your gum!: Myths, half-truths, and outright lies about your body and health)‎.

لا يختلف رأسك من هذه الناحية في شيء عن ساعديك أو ساقيك، إنما يبقى الرأس مكشوفاً أكثر من مناطق الجسم الأخرى.

تعليق الدكتور ريتشارد إنغبريتسن:

«نرتدي ملابسنا في أغلب الأوقات التي نقضيها خارج المنزل. إن لم تكن ترتدي قبعة يضيع الجزء الأكبر من الحرارة عبر الرأس، ولو كنت تلبس شورت لضاع الجزء الكبر من الحرارة عبر الساقين».

يقول بعض الأهالي أنه لا يجوز السباحة خلال نصف ساعة بعد الأكل، وبعضهم الآخر يقولون أن الأفضل الانتظار ساعة كاملة. التبرير النظري لهذه التوصية هو أن الهضم يترافق بزيادة جريان الدم في المعدة وبالتالي تنخفض كمية الدم المتاحة للعضلات، مما يزيد احتمال حدوث المَعَص (تقلص عضلي مؤلم).

ولكن هذا الادعاء لا أساس له. ففي الواقع تقول مصادر عديدة عن غياب حالات غرق موثقة بسبب المعص نتيجة السباحة بعد تناول الطعام.

كثيراً ما يحدث المعص أثناء السباحة، لكن لا علاقة للمعدة بذلك. ومن باب الاحتياط نحب أن نذكِّر: في حال حدوث تقلص عضلي مؤلم الأفضل البقاء في المكان مدة دقيقة والانتظار حتى تعود العضلة إلى الارتخاء.

يرتبط الكثير من الخرافات بالمشروبات الروحية، ومن أشيعها أن مختلف المشروبات يختلف تأثيرها على الناس. يقول البعض أن النبيذ يسبب لهم النعاس أما الويسكي فيحملهم على الدخول في جدالات.

باختصار، هذا كله هراء. تعليق من باحث في معهد الغذاء والدماغ والسلوك في أكسفورد، الصيدلاني بول كلايتون:

«الكحول يبقى كحولاً كيفما شربته».

ولكن يتدخل في الموضوع ما يسمى تأثير الغفل: فنحن نشعر بما نتوقعه عندما نشرب (أو نتناول أغلب المواد الأخرى). أثبتت الدراسات منذ ستينات القرن العشرين أننا «نتعلم» السلوك المعتاد في حالة السكر، وسلوكنا الفعلي بعد تناول المشروبات يعكس توقعاتنا.

مع أن الكثيرين يصبحون عدوانيين بعد تناول الكحول، أولئك الذين لا يربطون تناول الكحول مع النزاعات لا يحدث عندهم سلوك عدواني. إذن، من يعتقد أن شرب الفودكا سيدفعه إلى غناء كاراوكي يجعل معتقده هذا نبوءة تحقق ذاتها.

لا أبداً. العلكة عادةً لا تهضم مطلقاً، ولذلك إذا ابتلعتها فصوف تمر كما هي بالقناة الهضمية وتخرج من الفتحة المخصصة لذلك، مثلها مثل أغلب المواد التي لا يهضمها الجسم.

يمكن أن يسبب ابتلاع العلكة مشاكل فقط إذا ابتلعت مع أغراض أخرى غير عادية. تورد «مجلة العلوم» Scientific American حادثة طبية عندما أصيبت طفلة عمرها 4 سنوات بانسداد الأمعاء بعد أن ابتلعت كتلة من العلكة وفيها 4 قطع نقد.

سوف تسمع حتماً في يناير نصيحة تقول أن عليك أن تكثر من شرب العصير لتنظيف الجسم من «السموم» بعد كل المسكرات التي تناولتها في عيد رأس السنة.

للأسف، قدرة العصير على إزالة السموم خرافة. يتخلص الجسم من المواد الكيميائية الضارة عن طريق الكبد والكليتين والسبيل الهضمي، ولا يسرِّع العصير هذه العملية إطلاقاً. وفي الواقع، يمثل عصر الثمار عملية إزالة الألياف المفيدة من الخضار والفواكه، وبعض عصائر الفاكهة الحلوة لا يقل ضررها عن ضرر المشروبات الغازية.

ومع أن بعض العصائر لا ضرر فيها، لكنها لا تحوي شيئاً لا يمكن الحصول عليه من الفواكه والخضار.

الماء أساس الحياة، ولكن الفكرة حول ثمانية أكواب تحديداً تبدو غريبة. لم يجد الباحثون أي علاقة بين كمية الماء المشروب وتطور أمراض الكلية أو القلب أو مستوى الصوديوم أو حالة الجلد عند الأصحاء. عدا ذلك، يحصل الناس على كمية كبيرة من الماء الذي يحتاجونه من الطعام والمشروبات الأخرى.

إلا أن هناك حجة قوية واحدة لصالح الإكثار من الماء، ألا وهي أن الماء بديل عديم السعرات الحرارية لتناول مشروبات الأخرى (لا سيما الحلوة منها). من يشرب الماء يحصل عموماً على سعرات حرارية أقل.

اشرب عندما تشعر بالعطش ولا تعدّ الأكواب.

من المزعج عندما تقع قطعة كنت تريد أن تأكلها على الأرض. ولكن إذا رفعتها فوراً فلا مشكلة، أليس كذلك؟

للأسف، هذا خطأ. يمكن أن تلوث الجراثيم الطعام خلال أجزاء من الثانية. تشير الاختبارات أن الطعام الرطب يجمع بكتيريا أكثر من الطعام الناشف، ولكن لا يوجد «فترة أمان»، إنما يرتبط الأمان بنظافة السطح الذي وقع الطعام عليه.

اتخاذ القرار حول أكل القطعة الواقعة أو رميها في المهملات قرارٌ تتخذه على مسؤوليتك، ولكن أكل طعام وقع على الأرض في الأماكن العامة لن يكون تصرفاً آمناً في كل الأحوال.

إذا أردت مناقشة هذه المسألة أثناء العشاء، ننصحك بأن تشرح الموضوع بهدوء: ظهرت هذه الفكرة بناء على دراسة 12 طفلاً نشرت في مجلة Lancet في سنة 1988، وزعمت تلك الدراسة أن هناك علاقة بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية الثلاثي والإصابة بالتوحد. وقد تم لاحقاً دحض نتائج هذه الدراسة جملةً وتفصيلاً، وتم سحبها من النشر.

تبين أن الدراسة المذكورة لم تقتصر عيوبها على الإخلال بإجراءات البحث العلمي، بل كانت تحوي معلومات كاذبة من أجل تبرير الاستنتاجات.

أجري منذ ذلك الحين العديد من البحوث التي حللت المعلومات عن ملايين الأطفال، فتبين أن اللقاحات والتوحد لا علاقة بينها.

ومع ذلك لا يزال البعض يخافون من اللقاحات بسبب الضجة التي أثارتها نتائج هذه الدراسة في حينه، فضلاً عن أن هذه الخرافة يدعمها عدد من الشخصيات العامة الذين يدلون بتصريحات كاذبة عن اللقاحات. أدى ذلك إلى عودة انبثاق بعض الأمراض الخطرة التي كادت البشرية تسيطر عليها، مثل الحصبة، وانخفضت مشعرات التغطية باللقاحات في بعض المناطق الغنية من لوس أنجيلوس إلى المستويات المشاهدة في تشاد وجنوب السودان.

هذه من أقوى الخرافات المعاصرة عن الصحة، إذ نسمع باستمرار في دعاية أنواع اللبن الرائب (اليوغورت) عن فائدته للهضم، وما أحسن شرب اليوغورت للمحافظة على الرشاقة بفضل البروبيوتيك، أي «البكتيريا الجيدة»، وغيرها من الكلمات شبه العلمية الجذابة ذات الجذور اللاتينية.

صحيح أن البكتيريا التي تعيش في جسم الإنسان ترتبط، عدا الأمور الأخرى، بالاستقلاب والبدانة؛ لكننا لا نعلم كيف يمكن أن تستفيد تريليونات البكتيريا في جسمنا من اللبن الرائب. ومع أن أرباح الشركات المنتجة لليوغورت وصلت إلى 23 مليار دولار في سنة 2012، لا وجود حتى الآن ليوغورت يقدر على استعادة التوازن البكتيري في الجسم.

لا يعني ذلك أن اللبن الرائب ضار بالصحة، إنما يعني أن فائدته مبالغ فيها إلى حد كبير. كما أن اليوغورت المعلب يحوي على كميات كبيرة من السكر، والسكر ضار بكميات كبيرة ويساهم في زيادة الوزن.

إذا كنت من محبي اللبن الرائب فعليك شراء أنواع اللبن الرائب بلا سكر، أو يمكنك أن تحضره بنفسك، وإلا فقد تحصل على نتائج عكس ما تبتغي.

التفاح غني بالفيتامين C والألياف، وهاتان المكونتان مفيدتان للصحة، إلا إن الجسم يحتاج إلى أكثر منهما. للأسف، لا يحمي التفاح الجسم من الفيروسات أو البكتيريا. إذن، يجب تناول أدوية الإنفلونزا حتى لو كنت تأكل التفاح.

إذا أصبت بالبرد وبقيت في فراشك، يمكنك بلا شك أن تدلل نفسك بالمثلجات. لحسن الحظ، تبين أن الرأي القائل بأن منتجات الحليب تحرض على إنتاج المخاط رأي خاطئ. يقول طبيب في أحد أكبر مشافي العالم Mayo Clinic أن منتجات الحليب المثلجة يمكن أن تسكِّن ألم البلعوم وتمد الجسم بالسعرات الحرارية الضرورية أثناء المرض. شكراً يا دكتور!

لحسن الحظ، هذا الادعاء باطل. قد تزعج طقطقة الأصابع جميع من حولك، ولكن من يطقطق بأصابعه باستمرار على مر سنين طويلة لا يصاب بالتهاب المفاصل أكثر ممن ليس لديهم هذه العادة.

رغم كثرة العناوين في الصحف التي تزعم أن الجوع أثناء الحمّى مفيد (استناداً إلى نتائج دراسة صغيرة منشورة في سنة 2002 أسيء تفسيرها إلى حد بعيد) لا يوجد تأكيد موثوق لصحة هذا الادعاء. يرجح أن الحد من مدخول السعرات الحرارية سيكون ضرره على جهاز المناعة أكبر من نفعه، وبكل تأكيد ليس من الحكمة الامتناع عن تناول الطعام طوال 6-8 أيام من الإصابة بالبرد.

عندما تكون مريضاً تناول الأكل عندما تشعر بالجوع وأكثِر من شرب السوائل.