هل من الممكن التخلص من فائض المعلومات في العالم المعاصر؟
أصبح الإنسان اليوم مجبورا على أن يكون دائما على الاتصال بصفة مستمرة عن طريق الأجهزة الإلكترونية المتعددة ومنها الحواسيب والهواتف الذكية.ولكن من أجل الاعتراف والتأكد بأن هذا الوضع هو مشكلة كبيرة للإنسان يمكن مقارنتها مع ضفدع وجد نفسه في مقلاة مليئة بالماء.
إذا كانت حرارة الماء ترتفع بشكل تدريجي لم يلاحظ ضفدع أنه أصبح مطبوخا تماما.وهذا ما نشعره عندما نقضي الكثير من وقتنا في شبكة الإنترنت: تنخفض إنتاجيتنا بصورة تدريجية ولكنها تنخفض بشكل مستمر حيث لا نلاحظ أننا نغرق من يوم إلى يوم في عدد متزايد من الرسائل الواردة في بريدنا الإلكتروني والرسائل الفورية والمعلومات الكثيرة من المواقع والمنتديات الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وملفات الميديا وإلى آخرها.
كيف يمكن الاستفادة أكثرمن التكنولوجيا وجعلها تعمل من أجلكم وليس بالعكس تماما؟ هل يمكن تجنب قراءة رسائل البريد الإلكتروني؟ هل يمكن عدم فتح صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي؟ بالنسبة لبعض الناس يبدو هذا شيئا مستحيلا تماما وبالنسبة للآخرين يبدو ذلك محتملا ولكن صعب التحقيق. يجب الاعتماد في هذه الحالة على الإدارة الداخلية الكبيرة.
1. الابتعاد
يمكن للشركات أن تحدد مدى الاتصال بشبكة الإنترنت ومواردها أو منع الوصول تماما ولكن يبدو هذا الخيار خطر يتمثل في أن الوصول إلى معلومات مفيدة وضرورية والخدمات الإلكترونية ذات فائدة قد يمنع أيضا. إن منع الوصول إلى جزء من موارد شبكة الإنترنت يؤدي إلى إبطاء العملية الابتكارية حيث من المعروف أن مبادرات الصحة العامة قد تؤثر بشكل سلبي على وتيرة التنمية التكنولوجية.
ومن أجل توسيع نطاق المعرفة بشكل عام يجب الحصول على صورة كاملة لكل ما يحدث في شبكة الإنترنت حيث توجد فيها معلومات التي كانت ولا تزال وسوف تستمر مطلوبة دائما. ولا يمكن الذهاب بعيدا جدا هنا حيث على سبيل المثال أدى إلى تحقيق المبادرات الحكومية لمكافحة المواد الإباحية في شبكة الإنترنت إلى أن الفلتر الإلكتروني يمنع الوصول إلى المواقع القانونية التي تتحدث عن موضوع التثقيف الجنسي.
ونعرف جميعا أن الإنسان دائما يسعى إلى تأجيل أموره للقيام بها غدا أو بعد غد ولذلك يخترع دائما وسائل وطرق جديدة للعمل أقل من اللازم. ولكن يجب الإشارة إلى أنه هناك بعض الطرق الصحيحة لتجنب الأشياء التي تحول اهتمامنا عن التركيز على العمل فعلا.
2. انسوا عن الضفدع
تبدأ الأجهزة الإلكترونية تحويل اهتمامنا من العمل عندما نستعد لبدء العمل. وفي بعض الأحيان لا نركز على الأشياء المهمة حتى قبل أن نفكر عن العمل الذي يجب فعله.
نفتح بريدنا الإلكتروني ونبدأ مراسلات مع الجميع ونرد على الأسئلة ونشارك الصور وملفات الفيديو. وإذا كان عدد الرسائل كبيرا نشعر بأننا ملتزمون بالرد على كل الرسائل.
لدينا دائما الكثير من الأمور التي نؤجل تحقيقها إلى يوم غد وفي نهاية المطاف ننسى عنها تماما. ولكن هذه الأمور يجب فعلها بكل التأكيد. نقترح لكم الطريقة التالية: ما رأيكم في بداية يوم جديد من استكمال وإنجاز المهام التي تحتاج إلى اهتمامكم من يوم الأمس؟ من الأهمّ القيام بهذه المهام بدلا من قضاء الوقت المفيد في شبكات التواصل الاجتماعي أو في قراءة الرسائل التي ليس لها أي علاقة مباشرة للعمل.
3. طريقة "الطماطم"
تعتبر هذه الطريقة مشهورة جدا وتقول أنه يجب العمل على المهمة الواحدة خلال 25 دقيقة ومن ثم يجب أخذ استراحة قصيرة ومواصلة العمل من جديد. هذا فعلا يساعد كثيرا في التركيز على الوقت والمهمة. أو هناك طريقة أخرى لعدم تحويل الاهتمام من تحقيق المهمة: يجب كتابة قائمة المهام لهذا اليوم بخط اليد أو إنشاؤها في أي من التطبيقات في هاتفكم الذكي. من المفيد جدا تنظيم يوم العمل وخاصة إذا كانت مهنتكم مرتبطة بشكل مباشر بالعمل في شبكات التواصل الاجتماعي لأن تحقيق هذه الطريقة سوف يساعد في الحفاظ على الوقت الذي يمكن الاستفادة منه من أجل تحقيق كل ما تريدون تحقيقه خلال يوم من العمل.
4. التأمل
أصبحت تقنيات التأمل موضوع دراسة معمقة من قبل الكثيرين من العلماء وموضوع الاهتمام المتزايد للناس الآخرين. ولهذا السبب تكتسب التطبيقات مثل تطبيق Headspace الذي قام بإنشائه إيندي باديكومب شهرة واسعة حيث تسمح التركيز على المهمة وإيجاد طريقة حلها خاصة في ظروف البيئة العصبية في المكتب. خمس دقائق من التأمل فقط سوف تساعد في تهدئة العقل وإعادة التركيز على تحقيق المهمة من الجديد. وقد أكدت العديد من الدراسات التطبيقية على فعالية تقينات التأمل المتنوعة لرفع الإنتاجية والمزيد من التمتع من الحياة بشكل عام.
5. إنشاء جدول العمل البديل
لا تزال الدفاتر الورقية لتنظيم يوم العمل تستعمل حتى الأن ولكن بشكل أقل مما كان في الماضي بسبب المنافسة القوية من قبل التطبيقات العديدة. ولكن هذا البديل ليس الأفضل في بعض الأحيان حيث أن الإنسان يجد نفسه في الأعمال الغير منجزة. لذلك ينصح إنشاء جدول خاص بشكله الإلكنروني والتسجيل فيه كل الوقت الذي تخططون قضاءه على شبكات التواصل الاجتماعي وقراءة رسائل البريد الإلكتروني وقضاء الوقت مع أفراد عائلتكم أو لوحدكن. هكذا سوف تتمكنون من إدارة وقتكم بطريقة أكثر فعالية وفائدة.
6. الرصد الذاتي – ابدأ من نفسك
يجب منع الأشياء التي لا تلعب دورا مفيدا في حياتكم بغض النظر عما كان ذلك، الطعام أو المشروبات أو شبكات التواصل الاجتماعي. ينبغي الإدراك أن تحويل الاهتمام من المهام اليومية الضرورية غير صحيح ومن السهل جدا التركيز أكثر على ما تفعلونه.
يعمل ستيف بيتيرس خلال مدة طويلة مع الرياضيين المحترفين ويساعدهم في سيطرتهم على تأثير الجزء العاطفي من الدماغ (حيث يقدم الدكتور مصطلح "دماغ الشمبانزي") .ويقول الخبير إن الطريقة الأفضل هي عدم تقديم أي نبضة للدماغ. يعني عدم قراءة رسائل البريد الإلكتروني. ولكن الأهم هنا هو إيجاد التوازن الصحيح بين حظر ما هو غير لازم واختيار ما هو مطلوب ومفيد. وهذا ليس من سهلا للغاية.
حاول بعض المحللين والعلماء طرق مختلفة لمكافحة الاعتماد الكبير على البريد الإلكتروني ومنها منع الوصول إليه في فترات معينة.في ألمانيا نصح العلماء الشركات أن تمنع الاتصالات والرسائل إلى موظفيها بعد انتهاء يوم العمل. وبالرغم من أن هذه الطريقة يمكن أن تكون مفيدة لجزء من الموظفين العاملين في المكتب ولكن هناك عدد أكثر من الذين يعملون خارج مكاتبهم أثناء العمل وهذا بأسباب شخصية أو تفضيلات شخصية أو وفقا لخصوصيات العمل ذاته.
يعتبر الرصد الذاتي هنا من أفضل أدوات المراقبة والإدارة. عند مستخدمي Google يوجد تطبيق Inbox Pause الذي يجمع الرسائل الواردة ويقدم إمكانية الوصول إليها في فترات زمنية محددة. ويوجد أيضا الحد للرسائل الواردة في الهواتف الذكية حيث يتم تجديد البريد الإلكتروني فقط عند اتصال الجهاز بشبكة معروفة ولذلك الجهاز لا يسمح للمستخدم التأكد من وجود أوعدم وجود الرسائل الجديدة في بريده الإلكتروني خلال النزهة أو في أيام العطلة أو الإجازة.
يجب أن نكون مستعدين لتغيير حياتنا من أجل أن تكون هناك فائدة من كل هذه الطرق والتقنيات. ولا شك أن التكنولوجيا المتطورة سوف تتدخل حياتنا العلمية والشخصية وخاصة إذا كان لدينا جهاز الهاتف الذكي. يمكن مواجهة الأشياء التي تحول اهتمامنا كثيرا باستخدام أيا من الطرق المذكورة في هذه المقالة أو أي طريقة أخرى تعرفونها ولكن سوف تنجحون في ذلك فقط إذا كانت قوة إرادتكم والانضباط الذاتي كافيا.