يروي توم بان مؤسس ورئيس شركة SOAR عن طريقة للسيطرة على الخوف من الرحلات الجوية.
رهاب الطيران ظاهرة طبيعية تماماً. وفق الدراسات، يعاني منه حتى الطيارون.
يخشى بعض الركاب أن الطيارة لن تصل، ويخاف بعضهم الآخر ليس من الكارثة بحد ذاتها إنما من حدوث نوبة رعب في وضعٍ لا يسيطرون عليه ولا يسمح بتفريج الانفعالات.
غالباً ما يزداد رهاب الطيران والطلب المرافق على وسائل مكافحته بعد كوارث الطيران. مثلاً، لا يزال اختفاء طائرة Boeing الماليزية يحرض الخوف من الطيران لأن التحقيق القصة لم ينته بعد. قال لي بعض الزبائن: «لن أطير قبل أن يجدوا الطائرة».
أعتقد أن الارتكاس لتحطم طائرة Germanwings في جبال الألب الفرنسية مؤخراً سيكون أقل شدة. لماذا؟ لأن الولايات المتحدة وجدت حلاً.
عندما يغادر أحد الطيارين قمرة القيادة يجب أن يدخلها أحد المضيفين بدلاً عنه ويبقى فيها حتى عودة الطيار. وهكذا يبقى في القمرة شخصان، ويستطيع المضيف عند الضرورة فتح الباب للطيار العائد.
يرجح أن قاعدة مماثلة ستتبناها أوروبا أيضاً، فيقل خوف الناس من تكرر قصة Germanwings. في الأوضاع التي تجعل الناس الذين لم يكن لديهم رهاب طيران يخشون كارثة محتملة قد يكون لأي طريقة لإزالة مسببات المخاوف، مثل تغيير قواعد الطيران، أثر في طمأنة الركاب.
العجيب أن الركاب يشعرون بالتوتر الأعظم أثناء مرحلة التحليق، مع أنها المرحلة الأكثر أماناً من الرحلة.
طبعاً، الطائرة أثناء التحليق تطير على أعلى ارتفاع لها عن الأرض، كما أن على هذا الارتفاع تشيع مناطق اضطراب الهواء. يعرف أغلبنا أن السيطرة على الخوف من الطيران ممكنة عندما ينشغل المرء بشيء ما: إذا كانت الرحلة هادئة يستطيع الشخص المتوتر أن يلتهي بكتاب أو موسيقا أو فيلم. ولكن عندما تهتز الطائرة ونشعر أنها تهوى تنطلق هرمونات الكرب وتلفت انتباهنا إلى الخطر فندرك أننا على ارتفاع عشرة كيلومترات فوق الأرض.
عند المرور بمنطقة اضطراب قد تهوى الطائرة عدة مرات إلى الأسفل، ومع كل انخفاض نحصل على وجبة جديدة من هرمون الكورتيزول فيشتد الكرب وتنخفض المقدرات المعرفية. نحن لا ندرك ذلك، ولكن مراقبة الوضع وتقييمه يصبح مستحيلاً. في مثل هذه الحالة النفسية قد نعتقد أن الاضطراب وضع غير طبيعي، أي نشعر أن الطائرة تسقط، وحتى لو كان تقديرنا خطأً قد نستسلم للرعب ومعنا «البراهين الكافية» لذلك.
يسمى هذا بالتلقيم الراجع الإيجابي: الناس الذين لديهم خوف شديد من الطيران سيبقى لديهم شعور بأنهم مروا بموقف خطر على حياتهم حتى بعد انتهاء رحلة آمنة تماماً. ينطبع الكرب في جزء الدماغ المسؤول عن هذه الانفعالات، مما يمكن أن يؤدي إلى ارتباط الطيران مع خطر الموت. ومهما كان عدد الرحلات الهادئة والآمنة بعد ذلك، ستبقى تشعر بالخوف قبل كل رحلة وخلالها.
كيف تتخلص من الخوف
الخبر الجيد أن هذه العملية عكوسة. تطرح مؤسستي SOAR برنامجاً لعلاج رهاب الطيران يسمح بإخماد ارتكاسات الكرب أثناء الطيران.
كيف يتم ذلك؟ نبحث في حياتك عن مصدر للأوكسيتوسين، هو «هرمون المحبة» الذي يبعث الشعور بالثقة والاطمئنان ويستطيع التأثير على كيفية ارتكاس الدماغ للخوف.
يتم إفراز الأوكسيتوسين عند النساء عندما يقمن برعاية طفل أو عندما يشاهدن وليداً لأول مرة أو ينظرن في عيني كلب محبوب أو يشعرن بالجاذبية الجنسية. أما عند الرجال فالمصدر المؤكد للأوكسيتوسين هو الذروة الجنسية. لهذا أطلب خلال التدريب من الرجال الذين يخافون من الطيران أن يتذكروا مشاعرهم بعد الجنس: أن يتصوروا وجه شريكتهم وصوتها والأحاسيس اللمسية، فهذه الأمور كلها مرتبطة في الجسم مع إفراز الأوكسيتوسين.
عندما يتلقى الدماغ الأوكسيتوسين لا تفرز اللوزة الدماغية هرمونات الكرب بصرف النظر عن الأوضاع التي اعتادت على اعتبارها خطرة. عندما نربط بطريقة واعية المشاعر أثناء الطيران مع وضع يتم فيه إفراز الأوكسيتوسين، نكبت جزء الدماغ المسؤول عن الكرب والخوف. هذه الطريقة مفيدة أيضاً في مواقف لا تتعلق بالطيران.
حصل في الفترة الأخيرة عدد من الحوادث والكوارث الجوية، وقد حظيت بتغطية إعلامية واسعة، لذا أتوقع أن يصبح رهاب الطيران موضوعاً لنقاشات جدية وعلاجات ناجعة. مهما كان، كل من يصعد على متن الطائرة يؤمن حياته لطيارين لا يعرفهم ولا يستطيع السيطرة على الوضع. وليعلم الركاب: يمكن أن تتعلم كبت ارتكاس الكرب والسيطرة على الرعب.