النهب بطريقة تجارية
الصفحة الرئيسية طريقة الحياة

اختفى تاجر العملات آخذاً معه أكثر من 200 مليون دولار نقداً من أموال المستثمرين. بعد ذلك شكوا به أنه ارتكب عملية احتيال ربما الأكبر من نوعها في تاريخ بريطانيا. كيف تم هذا الغش وأين يجوز البحث عن الغشاش الهارب؟

تحقق الشرطة في قضية حول التاجر المختفي يدعى جو لويس البالغ من العمر 59 سنة وحول اختفاء 200 مليون دولار التي كما أكد هو كانت على حسابات العملاء أما الآن فيظهر أنها اختفت. ثمة شائعات تقول أنه في هذا المخطط الاستثماري العديد من اللاعبين المحترفين لكرة القدم والغولف فقدوا أموالهم .

اعترف لويس في رسالته للعملاء منذ أسبوعين أن شركته JL Trading قد أوقفت نشاطها منذ عام 2009 إثر خسائر كبيرة تكبدت بها الشركة نتيجة صفقات فاشلة في سوق العملة.

خلال السنوات الخمس هذه استمر لويس في قبض المال من عملائه على أمل التخلص من هذه الحالة العصيبة لكن كل محاولاته انتهت بالفشل.

أما في الرسالة المرسلة قبل شهر من الأخيرة رداً على أسئلة العملاء المتحيرين أكد أن شركته تعاني من "بعض المصاعب المؤقتة" تعود إلى استلام 197 مليون دولار (126 مليون جنيه استرليني) من السماسرة الأمريكيين وقد طال ذلك بسبب الروتين البيروقراطي.

أصحيح هذا أم لا لكن المستثمرين ومعظمهم من البريطانيين خسروا مبالغاً هائلة. استلمت الشرطة الطلبات من بعض المتضررين وباشرت بالتحقيق. تم تسليم ادعاء مدني بغرض تجميد الحسابات وحجز سائر الأصول التابعة للويس. من المعروف أن رجل الأعمال كان يتاجر من الشقق الفخمة في اسطنبول وكان قد غادر تركيا منذ عدة سنوات. ويؤكد ابنه الأكبر أنه لا يعرف قط أين والده. يخبر أن لويس قام بزيارات قصيرة لأقربائه في مدينة هال بانكلترا أما الآن فربما هو في الشرق الأقصى.

كتب لويس في رسالته المرسلة في 3 ديسمبر ما يلي:

"عزيزي المستثمر، أريد أن أخبرك في هذه الرسالة أن شركة JL Trading لا تستطيع الاستمرار في مزاولة نشاطها، فخلافاً لما كان متوقعاً فقدت الشركة كل أصولها وكذلك الأمل في إعادتها".

لقد توقفت شركة JL Trading عن تجارة العملة منذ عام 2009 بعد أن تكبدت خسائر بالغة في السوق. حاولت تجنب الضرر اللاحق بمشاركتي في العديد من المشاريع التجارية ولكن أصبح واضحاً الآن أنه لا أمل على الإطلاق في التعويض ولا يبقى إلا إيقاف العمل. وهكذا فخلافاً لكل ما قيل سابقاً لا يمكنكم ترقب أية مدفوعات في المستقبل.

لا أستطيع إلا أن أعبر عن أسفي الشديد لكل خسائركم أو أرباحكم التي لم تقبضوها. حاولت فترة طويلة استرجاع الأموال لكن الآن أصبح ظاهراً أنني عاجز عن ذلك. متأسف جداً أنني تصرفت بأموالكم بهذه الصورة السيئة".

قصة الهرم المالي

أسس جو لويس شركته منذ حوالي عشر سنوات، وفي ذروة ازدهار مؤسسته كان يعمل في المكتب الواقع في طابقين وكان يعمل ثلاثون شخصاً، أما لويس فكان يعيش مع زوجته التركية في بنتهاوس.

انجذب المستثمرون للوعود على دخل شهري بالغ من 1% إلى 3%، كما وأغرتهم جولات الغولف إلى أماكن طريفة مثل تايلاند.منذ عام 2011 تقريباً لم يستطع الانضمام إلى "نادي المستثمرين" إلا من يتمتع برأسمال لا يقل عن 25 ألف دولار (16 ألف جنيه استرليني). أودع أحد العملاء 500 ألف جنيه استرليني خلال السنة الأخيرة وهيهات أنه سيسترجع ماله، والآخر خسر 1.2 مليون جنيه استرليني.

دون وول البالغ من العمر 77 عاماً رجل أعمال سابقاً ومتقاعد حالياً من مقاطعة كمبرجشير أودع إلى JL Trading 100 ألف جنيه استرليني، وقد قال:

"تلك هي كل مدخراتي، وقد أردت أن أجعل لأولادي وأحفادي ميراثاً جيداً. لم أر لويس بحياتي قط ولا أذكر أنني كلمته".

في بادئ الأمر أودع وول عشرة آلاف جنيه استرليني وكان ذلك في عام 2009، وبعد أن ربح سبعة آلاف فرح كثيراً لهذا الربح العالي وذلك لأن سعر الفائدة في مصرف انكلترا انخفض حينذاك إلى 0.5%، فأودع 100 ألف إضافية. بدأت المشكلات في شهر سبتمبر من العام الماضي.

من مذكرات وول:

"أردت أن أستلم جزءاً من المال ولكنهم أخذوا يعتذرون ويبررون استحالة ذلك".

رسائل إلى العملاء

بعد قليل وصلت أول رسالة اصطدم منها العملاء.

في العاشر من سبتمبر أرسل لويس إلى العملاء الرسالة حيث أوضح أنه "عاجز عن تحديد تاريخ معين لإرجاع الأموال لهم"، وذلك من جراء المشكلات المستمرة مع المنظمين الأمريكيين. كما وصرح أن المحامين يعملون في هذا المجال "وكل شيء واقع تحت سيطرتهم".

في 14 نوفمبر أرسل لويس رسالة أخرى فحواها:

"االوضع حالياً متوتر. نحاول استرجاع الأموال من وسطائنا وهذا ما أدى إلى شكوك واهتمام بمصير تلك الأموال".

بعد ذلك أضاف أن الأعمال التجارية ستتعرض للتصفية لكن العملاء سيسترجعون كل أموالهم:

مقياس أعمالنا كما يلي: تبلغ الأموال الجارية التابعة لعملائنا 197 مليون دولار مودعة في 893 حساب مصرفي في العالم أجمعه. الوسيط يدين لنا بمبلغ 260 مليون دولار. وبما أننا أوقفنا التجارة فهذه المبالغ لا يجب أن تتغير".

في 3 ديسمبر جاءت الرسالة التي اعترف فيها أنه لا يتاجر بالعملة منذ خمس سنوات.

بعد يومين أرسل لويس الرسالة الأخرى والأخيرة حيث اتهم محاميه بإرسال رسالته الأخيرة، فكتب:

"في هذا الأسبوع أنتم استلمتم الرسالة التي حررها محاميي ولكني أريد أن تعلموا أنني لا أحاول الهرب من أي شيء. إنني آسف على بعض تصرفاتي وسأعمل كل ما بوسعي لتصحيح الخطأ. لقد أخفيت أخطائي عن الجميع بما فيهم الموظفين ولم يكن أحد يعلم ماذا يحدث".

المستثمرون لا يعلمون أين الصدق وأين الكذب. ذهب وول إلى مخفر الشرطة مع طلب. أما مارك باوين الذي نصح ذات مرة هذه الشركة لوول ولغيره من المستثمرين وأسس جولات الغولف فرفع على لويس تقريراً للسلطات. هو أيضاً استثمر في الشركة وفقد أموالاً كثيرة:

"أنا متأكد من أنه نصاب والأرجح أن هذا هرم مالي، فأعلنت عن ذلك بأن هذا احتيال. كلنا أودعنا أموالنا أما هو فهرب معها وهذا واضح. لقد فقدت مبلغاً كبيراً".

استثمر نيل رودريغيس المهندس البريطاني العامل في صناعة النفط 26 ألف جنيه استرليني في عام 2013. وفي تلك الآونة كما اعترف لويس كانت الشركة قد أوقفت أعمالها منذ أربع سنوات. قال رودريغيس:

"معظم زملائي أودعوا مدخراتهم في JL Trading ويبدو أننا لن نراها بعد الآن".

كما وصرح أحد الوسطاء الاستثماريين الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن عملاءه الخمسة والعشرون أودعوا عموماً 3.2 مليون جنيه استرليني ولم يستلموا حتى بنساً واحداً. طلب الوسيط من المحكمة تجميد الحسابات والأصول المحلية والخارجية التابعة للويس. ويقترح عبر Facebook وغيره من المواقع بانضمام ضحايا النصاب المتوقعين إلى الإدعاء الجماعي.

لم يفلح أحد باستلام أية تعليقات من لويس في الأسبوع الماضي، فهو لا يرد لا على الرسائل الإلكترونية ولا على المخابرات الهاتفية، أما بواب شقته في اسطنبول فقال أن صاحب البيت لم يظهر هنا منذ أسابيع.

وهذا ما قاله ابن لويس جيمس عن أبيه:

"لقد كان يعيش حياة متواضعة. لا أعرف أين ذهب المال. أنا مستعد أن أقول للسلطات كل ما أعرفه. لم يبق بحوزته شيء. لا أعرف شيئاً عن الأصول الثمينة".

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق