المدينة التي لم يعد لها وجود: كيف كانت تبدو نيويورك في الثمانينات
2 نوفمبر 2017
سيارات قديمة ومارة بالنظارات ذات إطارات قرنية ومانهاتن ذات متاجر صغيرة خاصة في كل شارع. اليوم لم يبق أي أثر من المدينة القديمة.
نيويورك الثمانينات لا تشبه قط المدينة التي نعرفها اليوم، ففي تلك الأزمنة تم تسجيل المستوى القياسي من جرائم القتل وكان يسود وباء إدمان الكراك، أما ترميم الأحياء التاريخية فلم يكن أحد يفكر في هذا.
نشأت المصورة جانيت ديلاني في ضواحي لوس أنجلوس، ولكنها كانت تريد دوماً أن تكون أقرب من المدينة. ولو أنه لم تسنح لها فرصة الانتقال إلى نيويورك لكنها كثيراً ما كانت تزورها و تعود بصور جميلة.
انظروا إلى أعمالها واستنشقوا روح ذاك العصر: هكذا كانت نيويورك منذ عدة عقود فقط.
في منتصف الثمانينات أخذت ديلاني تقوم بزيارات أسبوعية لنيويورك.
"حينما كنت آتي إلى نيويورك في تلك السنوات أي من عام 1984 إلى 1987 كنت أصور كل شيء بكل سرور لأني كنت أعشق تلك المدينة".
في إحدى الأسفار توقفت عند صديقها في الدور العلوي، وفي ليلة من الليالي حين كانت تعود في الساعة الثالثة صباحاً أدركت أنها نسيت المفتاح.
قررت ديلاني قضاء ما تبقى من الليل في نزهة في أرجاء مانهاتن الأسفل.
وفي الفجر اشترت تذكرة على معبر إلى جزيرة ستاتن ذهاباً وإياباً لقطع الوقت.
هذه الصورة من ذلك المعبر بالذات.
وهذا ما قالته عن هذين العاشقين: "لم ينتبها إلي حتى النهاية، فقد كان بالهما مشغولاً ببعضهما البعض فقط. لم يكن غيرهما في مقدمة المعبر سوى أنا، ولكننا لم نتكلم فيما بيننا".
نزلت في نيويورك عند بربارا مينش وهي مصورة تملك استوديو خاص بالقرب من جسر بروكلين وساوت ستريت سيبورت.
قدمت مينش لدينلي مساعدتها في الاطلاع على مركز المدينة فأحبتها بذلك هذه المدينة الكبيرة.
أرادت ديلاني أن تظهر في صورها ما هي التغيرات التي تطرأ على مظهر المدينة مع مرور الزمن.
إلى جانب تصوير نيويورك كانت ديلاني على وشك إنهاء مشروعها التصويري في سان فرانسيسكو المكرس للتغيرات السكانية في تلك المدينة.
هذه الصور لا تكشف فقط عن موهبة ديلاني ورؤيتها الإبداعية بل وتجعلنا ندرك أي أنواع من الناس كانت تمثل المجتمع وكيف كان المجتمع يستوعبهم.
لم تكتفي بمجرد تصوير الناس بل وكانت تعاشرهم، وهذا يعني أن صورها هي عبارة عن خلط بين فن التصوير والأبحاث الاجتماعية.
في تلك الأيام لم تكن تتعمق في التفكير إلى كم تناسب المتاجر الصغيرة الخاصة مظهر المدينة، ولم تدرك ذلك إلا الآن حين امتلأ مانهاتن بمتاجر التجزئة الشبكية.
تقول ديلاني: "من دونها فقدت الشوارع مظهرها، وكلما زادت الحياة في مانهاتن غلاء أصبحت المدينة كلها قابلة للتنبؤ أكثر".
كانت وما وما زالت معجبة بنيويورك.
ولكن منذ ذاك الحين لم تصوره مثلما صورته لذاك المشروع في الثمانينات.
قالت ديلاني: "في عام 2005 جئت جواً إلى نيويورك بغرض الدراسة لعدة أسابيع، وظننت أنني سأستأنف التصوير. ولكني أدركت في تلك اللحظة أنه على أثر المكوث الطويل في نيويورك تتعود العين على كل شيء فيصبح إيجاد جوهرة الموضوع أصعب".
لعملها قيمة فنية واجتماعية في آن واحد كما واجتاز اختبار الزمن.