العقار المدرج إلى قائمة الأغلى في العالم حيث لن تسأم أبداً من منظر البحر والذي يفتح شراؤه إمكانيات فريدة حقيقية هو 165 شقة فخمة على متن The World لسفينة الشقق السياحية. يقضي سكان هذا المجمع المغلق وسطياً ثلث السنة في رحلات إلى أبعد أنحاء العالم كالقارة القطبية الجنوبية وجزر المرجان في المحيط الهادئ التي لم ترسو إليها أية سفينة خلال عقدين من الزمن، و جزيرة أسينشين.
من أجل اتخاذ قرار الحصول على شقة فخمة من غرفتين على هذه السفينة احتاج تريفور راو رئيس Rothschild Australia إلى أقل من 72 ساعة. كان ذلك في عام 2012. بدا المسكن البالغ مساحته 127م2 صغيراً جداً بالمقارنة مع منزله بسيدني. ومع ذلك فسعر هذه الشقق الفخمة تتفوق على أسعار العقارات المماثلة من حيث المساحة في بعض أغلى مدن العالم بما فيها لندن ونيويورك.
"هذا الشراء للروح" هذا ما قاله راو البالغ من العمر 73 سنة في مقابلة مع Bloomberg على متن السفينة في فانكوفر حيث أتى The World منذ فترة. ولد راو في أسرة عامل بناء بمدينة بيرث وحصل على ثروته بنفسه مثل سائر ملاك الشقق على السفينة. لقد قام بالاستثمارات في آسيا ونيويورك وأستراليا، وقال أنه زار طوكيو 40 مرة على الأقل. "لقد زرت أماكن كثيرة في حياتي ومع ذلك لم أر أي شيء".
يوجد مطلب لملاك الشقق القادمين وهو أنه ينبغي عليهم تملك الأصول بمبلغ لا يقل عن 10 ملايين دولار.
يجب أن ينال المشترون المحتملون تأييداً من لدن اثنين من المقيمين في المجمع السكني ويتعرضون لتفتيش المعلومات الشخصية، كما أن الساكنين في الشقق الكبيرة عليهم أن يدفعوا 900 ألف دولار تقريباً لقاء الخدمات. بعد ذلك يتاح لهم المجتمع الحصري الذي يمارس أعضاؤه لعبة الغولف في منتصف الليل في الدائرة القطبية الشمالية، ويشربون الشامبانيا بين الكثبان الرملية القديمة في ناميبيا، ويتأملون ثورة البراكين في فانواتو.
"لقد سألني أصدقائي كيف التحقت بهذا النادي ولكني لا أحدثهم عن شيء" هذا ما قاله راو ضاحكاً. منذ أن اشترى مكانه على السفينة زار القارة القطبية الجنوبية ثلاث مرات، أما المغامرات التي ترسخت كثيراً في ذاكرته فهي غالاباغوس ماتشو بيتشو والمنطقة المتجمدة الشمالية الروسية.
في العام الماضي قضى عشرة أشهر على المتن ممارساً أعماله التجارية عبر البريد الإلكتروني والمكالمات الجماعية وذلك لوجود الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية على السفينة. لقد قال أنه استقر هنا بكل وسائل الراحة ولو أن "الراحة يجوز لها أن تكون أكثر راحة".
تتراوح مساحة الشقق هنا من 29 إلى 350م2، أما الأسعار فتتراوح من 1,8 إلى 15 مليون دولار. تحفظ أسعار الشقق الفردية في السر، ولكن بحكم الأرقام التي جاءت آنفاً تتراوح من 42 إلى 62 ألف دولار على المتر المربع الواحد. هذا أكثر من سعر المتر المربع في أفخم منازل هونغ كونغ ولندن ونيويورك بل وربما حتى موناكو بطل أسعار العقارات. حسب بيانات تقرير Christie's بلغ سعر العقار من الدرجة الفاخرة 54,2 دولار على المتر المربع.
الحياة على المتن
جاءت فكرة السفينة التي تسمح للأثرياء بالقيام بالتجولات دون مغادرة المنزل لكنوت كليستر الابن وريث سلالة البحارة النرويجية Cruise Line Holdings Ltd. تم بناء The World في ريسا (النرويج) وقام برحلته الأولى في شهر مارس من عام 2002 من أوسلو. في العام التالي اشترى المقيمون الجدد الشقق واستولوا على السفينة. تمتلك 142 عائلة منها أسهم الشركة البهامية التي تمتلك السفينة. تم بيع آخر الشقق الأصلية في عام 2006.
تقدم هنا كافة أنواع الترفيه المعروفة لركاب السفن السياحية الفاخرة. يوجد على متن السفينة المكونة من 12 سطح وطولها 196 متر حوضان للسباحة وملعب التنس كامل الحجم و محاكاة الغولف حيث يمكن اللعب مع لاعب محترف، وصالة بيلاتس وطاولة بلياردو المقاومة لاهتزاز السفينة.
تحتوي المكتبة المزينة بالخشب على مجموعة من الكتب الكلاسيكية بغلاف جلدي، وفي مسرح كامل الحجم يلقي العلماء مثل سوجي ناكامورا الحاصل على جائزة نوبل بالفيزياء محاضراتهم. يجوز للمقيمين زيارة منتجع صحي مساحته 650 م2 أو رواق تجاري حيث يجوز شراء لوحة بيكاسو بـ50 ألف دولار.
وبالطبع توجد المشروبات. بما أن السفينة تسير باستمرار "المشروب هنا ليس لأجل التخزين بل من أجل الشرب" هذا ما قالته ليزا سبيلير عن المجموعة المكونة من 16 ألف زجاجة. خصص لطعام وشراب كل مقيم في المجمع حوالي 30 ألف دولار يمكن صرفها في ست حانات وخمسة مطاعم على متن السفينة، وينضم هذا المبلغ إلى الدفع السنوي على الخدمات.
الموانئ المقصودة
تقضي السفينة في الميناء أو في عرض البحر 365 يوم في السنة وتعود إلى الحوض مرة كل ثلاث سنوات. في عام 2017 رست السفينة في أكثر من 100 ميناء مقصود في أكثر من 20 دولة في العالم. يبدأ خط السير البالغ 44 ألف ميل بحري في أستراليا، بعد ذلك تمر السفينة عبر آسيا الشرقية فتأتي إلى إقليم غرب كندا وأمريكا الوسطى، بعد ذلك تعبر قناة باناما لتقضي نهاية العام في ميامي. يحتوي خط السير على بعثة يناير في بحر روس من القارة القطبية الجنوبية. في إحدى الرحلات الأخيرة نالت The World تصريحاً من رئيس الوزراء الروسي على زيارة خليج بروفيدانس.
يظهر أن إمكانية التبختر برحلات كهذه هي الشيء الأهم ما يجذب الملاك الذين يصفهم راو كـ"مجتمع الناس الحازمين الناجحين". سيضم خط سير العام القادم البرازيل والرأس الأخضر والبحر المتوسط وأرخبيل النرويج سفالبارد و الاحتفال بعيد رأس السنة في الطرف الجنوبي من إفريقيا.
غالباً ما تستخدم الشقق كمساحة المعرض للمعروضات المجمعة في مختلف الرحلات (ولو أنه في بعض الأحيان يصعب كثيراً توصيلها إلى المكان المطلوب). عرضت في إحدى الأماكن لوحة خشبية ديكورية لركوب الأمواج من نيوزيلندا قطعت من لب خشب الأشجار الضخمة كاوري. تنبت هذه الأشجار الصنوبرية على مستنقعات الخث في الجزير الشمالية وتشتهر أنه بعد تصنيع لبها تتلألأ بالألوان القزحية. يصل عمر تلك الأشجار إلى 45 ألف سنة.
"كما ويمكنك الذهاب إلى أماكن حيث يتعذر الوصول باليخت" هذا ما قاله سكاتليف صاحب يخت من 22 متر في جزر الباهاما ومقراً بفلوريدا. "لا يمكن الحصول على هذه الأحاسيس ولا بأي مبلغ من المال".
الخدمات اللوجستية التي تقف وراء هذه العمليات مذهلة. فبخلاف السفن السياحية التي تسير بنفس الخطوط مع الموردين المنتظمين خط سير The World يتغير كل عام ويحدد من قبل الملاك بطريقة التصويت الذي يتم مقدماً بثلاث سنوات.
يبدأ تخطيط واستكشاف خط السير وتنظيم التوريدات وتقدير المخاطر بأكثر من سنة. يتم التوريد جواً وبحراً وبراً. من أجل الحفاظ على الخضروات خلال الرحلة البحرية الطويلة يخزنونها في التربة. تقوم قاعدة البيانات بمراقبة الميول الغريبة لدى المقيمين مثلاً هل هم يفضلون الجزر على شكل مكعبات أم شرائط. كل مقيم في حسابه حوالي 400 بند.
الشراء
يمتلك حوالي 20% من المقيمين أكثر من شقة واحدة. وهذا قبل كل شيء للحاجة إلى استقبال الأقرباء والأصدقاء وذلك لأن عدد الضيوف محدود بعدد أماكن النوم. هنا لا يحبذون إقامات كثيفة جداً مثلها مثل تأجير المساكن. المبدأ الأساسي هو: "هل تريد أن يتجول حشد من السياح في غرفة استقبالك؟". في حال وجود دعوة مناسبة يجوز للمشترين المتوقعين استئجار الشقق بسعر 1,6 ألف دولار فما فوق على ليلة واحدة.
حسب المعطيات الرسمية المقيمون مواطنو 19 دولة، وتبلغ أعمارهم وسطياً من 55 إلى 65 سنة، نصفهم من أمريكا الشمالية وثلثهم من أوروبا. في الغالب هم رجال نساء ذو بشرة بيضاء ويسود عليهم سكان أمريكا الشمالية وبريطانيا وأستراليا. ويذكر من بينهم قطب وسائل الإعلام من كندا ومالك مستشفى ياباني وناشرة أمريكية، لكن المجتمع المغلق من سكان The World يلتزم بقاعدة عدم كشف أسماء الملاك لأولئك الذين خارج النادي.