يشبه علم إنتاجية العمل أحياناً مؤامرة سرية لتبرير الكسل.
هل تتصفح صور القطط على الإنستاغرام أثناء العمل؟
حسبما يقوله الباحثون من جامعة هيروشيما، هذا ليس مجرد مماطلة لا فائدة منها، فالقطط التي تتشربك بين خيطان الصوف تزيد من التركيز، أما «الشعور بالحنان نحو الصور الجميلة» فيحسن الوظيفة الحركية أثناء الجلوس وراء الكمبيوتر.
تخطط لإجازة طويلة؟
هذا لا يعني أنك تتهرب من واجباتك. تشير البحوث أن الراحة الطويلة بعيداً عن المكتب تسمح لك باسترجاع قواك لحل المشاكل المعقدة بكل مهارة.
تعمل من بيتك؟
رئيسك مخطئ: ذلك ليس لأنك كسول لدرجة تمنعك من ارتداء بنطالك صباحاً. عرّفه على دراسة أجريت على العاملين في مركز الدعم الفني عبر الهاتف في الصين. بيّنت هذه الدراسة أن العمل عن بعد أدى إلى تحسين مؤشرات الشركة. (في الواقع، لا داعي إلى تعريفه على هذه الدراسة لأنك ستضطر إلى المجيء إلى مكان عملك.)
سمحت المراقبة العلمية التي تعطي أساساً لهذه الاستنتاجات التي لا تصدَّق، سمحت باكتشاف أن الدماغ يشبه العضلة في أنه يتعب من الجهد المستمر. تشكل عند الكثيرين منا فكرة نمطية بأن الاجتهاد هو عندما يأتي الشخص إلى عمله قبل الآخرين ويعمل في الليالي وما إليه.
في الواقع، هناك الكثير من الناس «المثاليين» الذين يأتون إلى المكتب باكراً ويغادرونه متأخرين وكأنهم لا يتوقفون عن العمل أبداً؛ ولكن في الحقيقة لا تضمن زيادة مدة العمل تحسُّن نتائجه، بل بالعكس: مثلما يتعب العدّاء بعد عدة كيلومترات من الجري تتقلص إمكانياتنا مع مرور الوقت. وهنا يجب الاستعانة بالتفكير الاستراتيجي.
ما هي المدة المثلى للاستراحة؟
وفق نتائج تجربة منشورة هذا الأسبوع، هي 17 دقيقة.
يراقب تطبيق DeskTime طريقة استخدام الموظفين للكمبيوتر ويسمح بدراسة سلوك أكثر العاملين إنتاجيةً. غالباً ما يعمل 10٪ من العاملين الأكثر إنتاجية مدة 52 دقيقة بلا انقطاع ثم يأخذون فترة راحة مدتها 17 دقيقة يقضونها في الغالب بعيداً عن الكمبيوتر: إما يذهبون إلى نزهة قصيرة أو يقومون بتمارين رياضية أو يحاورون زملاءهم.
يبدو لأول وهلة أن إلزام العاملين بالتركيز مدة 52 دقيقة متواصلة ثم بالخروج من المكتب لمدة 1020 ثانية تماماً نصيحة حمقاء. إلا أن تلك لم تكن أول دراسة تبيّن أن الانقطاعات القصيرة في العمل تزيد الإنتاجية. استخدم مخبر البحوث الإرغونومية في جامعة كورنل في سنة 1999 برنامجاً حاسوبياً يذكِّر الموظفين بضرورة الانقطاعات القصيرة، واستنتجت الدراسة:
«الموظفون الذين كانوا يحصلون على تذكيرات [عن الانقطاعات في العمل] كان تنفيذهم لمهامهم أفضل بمقدار 13٪ وسطياً مقارنةً بزملائهم الذين لم يتلقوا هذه التذكيرات».
من المستبعد أن يكون هناك رقم محدد يناسب فترة الانقطاع المثالية لكل عامل في جميع المجالات؛ وبدل تعيير 17 دقيقة تماماً على الساعة المؤقتة من لحظة الخروج من المكتب يجب التركيز على المبدأ، وهو أن تتذكر أن عليك أن تقوم وتخرج. يركز أكثر العاملين نجاحاً على الطرائق الإبداعية لحل المشاكل لا على كمية الوقت الذي قضوه في حلها.
أدرك أحد المدراء في ولاية ميشيغان في أواسط عشرينات القرن العشرين بعد أن درس إنتاجية العمل عند عماله أن كفاءة عملهم كانت تتدهور بسرعة إذا طالت ساعات العمل، فحدد قواعد جديدة، بينها يوم عمل ثمان ساعات وأسبوع عمل خمسة أيام. وكان يقول:
«أستطيع أن أقول بالاستناد إلى تجربتي أننا يمكن أن نضمن خلال خمسة أيام نتيجة لا تقل عن العمل ستة أيام. إن يوم العمل من ثمان ساعات وأسبوع العمل من خمسة أيام مهدا أمامنا السبيل إلى الازدهار».
كانت هذه الشركة واحدة من أكثر الشركات ربحاً في أواسط القرن العشرين، ويعتبر مديرها حتى الآن واحداً من أكثر الإداريين موهبةً في تاريخ أمريكا.
وكان اسمه هنري فورد.