لماذا البيتكوين له أهمية أكبر من البلوكشين
الصفحة الرئيسية آراء, البلوكشين, بيتكوين

يروي برايان كيلي مؤسس شركة الاستثمارات Brian Kelly Capital ومؤلف كتاب "البيتكوين كالانفجار العظيم: كيف تغير العملات البديلة العالم " (The Bitcoin Big Bang: How Alternative Currencies Are About to Change the World) لماذا يحب ممثلو المصارف البلوكشين ولا يحبون البيتكوين.

السبب أن البيتكوين (Bitcoin) سيفعل بالمصارف نفس ما فعله البريد الإلكتروني مع هيئة البريد و Amazon مع تجارة التجزئة. بالطبع هذا الأمر يقلق ممثلي النظام المالي.

وقد استولت تعويذة "البلوكشين ليست بالبيتكوين" على وول ستريت. الكل يهوون البلوكشين رغم أن الكثيرين حتى لا يعرفون ماهيته. جيمس دايمون المدير العام لـ JPMorgan يكره البيتكوين ويحب البلوكشين. أما المدير العام لـ Goldman Sachs لويد بلانكفين فيناقش آفاق البلوكشين ولكن يتعامل بحذر مع البيتكوين.

أعترف أنني في السابق كنت أعاني من نفس المرض. بما أنني كنت أحد أول المتحمسين للبيتكوين كنت أؤمن بالعملة المشفرة ومع ذلك كنت أحب حباً جماً البلوكشين فقط.

أظن أنه لا بد من أن أروي كيف بدأ كل هذا. خلال نيف وعقدين من الزمن كنت جزءاً من العالم المالي التقليدي. بدأت وظيفتي تاجراً.في زمن فقعات الدوت كوم كنت أمارس التحكيم، فجيل الكبار من المستثمرين يتذكر جنون الاندماجات والاستحواذات في تلك الأيام.

بكلمة أخرى كنت أراهن على انتهاء الصفقات بنجاح وعلى الأعراض المحتملة للاستحواذ. حينما انفجرت فقاعة الدوت كوم وبدأ الكساد أسست شركة الوساطة المتجهة صوب صناديق الاستثمار المشترك والمؤسسات الاستثمارية. كان عملاؤنا دعائم العالم المالي. كانت الأعمال تتطور بصورة جيدة ولكني لم أكتف بهذا.

بدأت أتاجر بإيصالات الودائع الأمريكية (ADR) وكانت تمثل أسهم الشركات الأجنبية، وكانت تتداول في NYSE و NASDAQ.

كانت من الميزات الأساسية للعمل مع ADR هو المراقبة الوثيقة للسوق بموضوع الحركات غير العادية. كان سعر العملة يتغير بين الحين والآخر في حين حافظ سعر الإيصالات على استقراره فاتحاً أبواب الكسب. كانت سوق ADR أكثر متعة من الرقائق الزرقاء (الأسهم القيادية) المملة. وبعد أن عملت فيها لسنوات انتقلت إلى الاستثمار الكلي العالمي.

كانت استرتيجيتي الجديدة ترتأى الرهان على الاتجاهات الاقتصادية الكلية في الأسواق المالية العالمية. لقد تعلمت رؤية ما الذي يختبئ وراء الرسائل الضبابية من المصارف المركزية. وباستخدام هذه المهارات كنت أتاجر في أسواق العملة 24 ساعة يومياً. كانت العلاقات الرقيقة بين سياسة المصارف المركزية والسياسة الجغرافية والأسواق المالية تذهل الخيال. وبعد ذلك اصطدمت بالبيتكيون.

في حقيقة الأمر كنت في البداية أشك، وكنت أعلن جهراً أن التكنولوجيا لن تعمل. فبعد أن واجهت العملات المشفرة لأول مرة لم أكن أريد أن يظن أصدقائي من العالم التقليدي أنني جننت. ومع ذلك فكلما اكتسبت معارف أكثر كنت أدرك إمكانية البيتكوين أكثر. بمقدوره تغيير العالم وتحدي كل ما كنت أعرفه عن النظام المالي.

لقد تعلقت. ولكن بقيت غير قادر على التكلم عن البيتكوين علناً. كانت الأمور المتعلقة بالبلوكشين أسهل. فقد كان البلوكشين يسمح لي أن أبقى على قمة الموجة التكنولوجية وفي نفس الآن أتهرب من النظرات الشائكة والهمسات التي كانت تلاحق كل من ذكر البيتكوين.

حينما كنت أتكلم عن البلوكشين كان أصدقائي وزملائي يصغون إلي ويواجهون أسئلة عن هذه التكنولوجيا الجديدة العجيبة. ولكن كلما ذكرت البيتكوين كانوا يأخذونني إلى جنب ويسألون عن صحتي لشكهم في حالتي العقلية.

كنت بفضل البلوكشين أشعر نفسي بخير، ولكن شيء ما كان ينقصني حتماً. ظهر في البلوكشين دون البيتكوين فراغ ما. عدت إلى البداية وراجعت معرفتي عن البيتكوين لكي أفهم أين الخطأ.

بدأ كل شيء من مشكلة المفاهيم. لم يكن هناك وصفاً بسيطاً وواضحاً للبيتكوين. كان تعريفه كعملة مشفرة لامركزية يواجه إما السخط إما عدم الفهم.

كان البيتكوين بحاجة إلى شعار إعلاني، ذلك الاقتراح الوحيد الموجود لدى كل رجل الأعمال حاول قدر الإمكان أن يمدح أعماله التجارية على أمل جذب مستثمر ذات آفاق.

لكل إنسان تصوره الخاص عن البيتكوين. من السهل لي أن أفكر به وكأنه البرمجة.

البيتكوين هو برمجة يجوز بفضلها تحويل المال بأمان ودون مشاركة المصرف.

تنفذ شبكة الكمبيوترات ذات برمجة خاصة وظائف المؤسسة المالية. هذه الكمبيوترات التي تدعى بالمعدّنات تخزن القاعدة العالمية للبيانات حول العمليات، وتستخدمها لمعاينة وإجراء الصفقات.

قبل ظهور البيتكوين لم تطرأ على عملية المحاسبة من المعاملات أية تغيرات منذ أن اخترعت أسرة ميديشي في القرن الرابع عشر التسيجل المزدوج. كانت طريقة المحاسبة هذه تطلب من المصارف التابعة لأسرة ميديشي بأن تعكس المديونية والائتمان في دفتر خاص. يمثل النظام المالي المعاصر شبكة من هذه الدفاتر الحسابية التي تحفظ في كل مصرف.

أما البيتكوين فيخرج هذا "الدفتر" العالمي للصفقات من تحت سيطرة النظام المصرفي وتضعه في كل جهاز الكمبيوتر المتصل بالشبكة. لم تعد الكتل المالية تسيطر على النظام، إذ يسيطر عليه المستخدمون النهائيون.

لو أنني اخترعت تطبيق المحمول قادر على تشغيل الكمبيوترات لتحديث عملية نقل الموارد المالية البالغة من العمر 600 سنة لاعتبرتموني معتوهاً (أو كنتم قد أردتم أن تكونوا مستثمرين).

البيتكوين هو هذا التطبيق بالذات. بسبب التحديث الجذري لنظام المحاسبة العريق يقولون أن البيتكوين هو أحد أهم الاختراعات في تاريخ المالية.

ومن بين العناصر الهامة والضرورية لهذا النظام هي البلوكشين والعملة العالمية اللامركزية "البيتكوين"، فهي التي تجعل الناس يشغلون البرامج التي تغير النظام المالي من الأساس.

المصارف تهوى البلوكشين لأنه يسنح لها إمكانية ممارسة المحاسبة على أجهزتهم الكمبيوتر، لكن عملة البيتكوين تسمح لأي إنسان يمتلك جهاز الكمبيوتر الموصول بالإنترنت أن ينافس المصارف. فلولاها لِما اشترى الناس المعدات الضرورية لعمل البرمجة المناسبة.

البلوكشين دون البيتكوين ليس إلا تكرار النظام المالي الموجود. من الراجح أن إدخال القواعد التوزيعية الخاصة سيرفع بعض الشيء من الفعالية، لكن البلوكشين دون البيتكوين لا يجوز أن يسمى بإحدى أهم الاختراعات في تاريخ المالية.

افهموني بشكل صحيح: البلوكشين لا بد منه، بيد أن المصارف تستخدمها بحيث أن تحافظ على سيطرتها على النظام المالي. أنا لا أتهمها، ففي حقيقة الأمر إن حماية مواقف المصارف في مركز النظام المالي هو غرض رؤسائها الأساسي. لكن عليهم أن يدركوا أن هذا الفرع يمر بثورة تكنولوجية.

في منتصف القرن التاسع عشر كانت إنارة الشوارع تضاء بواسطة دهن الحوت. بعد ذلك حسن جون روكفيلير عملية تكرير النفط، أما ربابنة سفن صيد الحيتان فرفضوا الاعتراف بالتغيرات وفي النتيجة فقدوا مصدر رزقهم، في حين أن روكفيلير أنشأ Standard Oil سلف Exxon Mobil و BP و Chevron.

البيتكوين يمنحنا جميعاً فرصة أن يصبح أي منا جون روكفيلير، فهو يحفز على إنشاء نظام مالي حديث بديلاً عن التقليدي. بسبب الكمية المحدودة للعملات المشفرة يضطر الناس إلى شراء أجهزة الكمبيوتر ومعالجة الصفقات (أي إجراء التعدين) آملين الحصول على عدة بيتكوينات.

وهذه التكنولوجيا المكتفية ذاتياً قادرة على تخفيف سيطرة المصارف على النظام المالي.

هذه التكنولوجيا قد تحول رؤساء المصارف المرتابين إلى ربابنة سفن صيد الحيتان الذين تخلى عنهم الجميع.

ينشئ تركيب العملة المشفرة والبلوكشين نظاماً مستقلاً ومكتفياً ذاتياً لم يسبق له مثيل في النظام المالي الموجود.

كما وينشئ تركيب تلك العملات والبلوكشين تنافساً خطراً للمؤسسات المالية التقليدية، إذ يجوز بموجبها إعادة توزيع الثروة والمال باستخدام قدرات الأسواق الحرة الحقيقية.

جاء في كتابي "البيتكوين كالانفجار الكبير" ما يلي:

"البيتكوين هو ثورة اجتماعية واقتصادية تساعد على التطور المقبل للبشرية. فهو سيوحد معارفنا حول الرأسمالية مع الاستهلاك المشترك لإنشاء نظام اجتماعي اقتصادي يغذيه السعي وراء الربح وتلبية متطلبات المجتمع".

إذاً نعم، للبيتكوين أهمية كبيرة... وأنا أذكر لماذا عشقته عندما عرفته بصورة أفضل.

المصدر: Forbes

اقرأ أيضا:
الرجاء وصف الخطأ
إغلاق