شارك كاتب العمود لدى Bloomberg والخبير المالي نوا سميث رأيه حول كيف يمكن أن يكون مستقبل البيتكوين وما هي العوائق التي تقف في درب الظفر المطلق لهذه العملة المشفرة.
خلال الأشهر السبعة التي مضت منذ ذروة السوق الصاعدة خسر البيتكوين وهو (Bitcoin: BITCOIN) حوالي ثلثي قيمته. ومع ذلك ما زال أغلى بثلاث مرات مما كان منذ سنة:
ما هو مستقبل أول وأشهر عملة مشفرة في العالم؟ أنا أرى ثلاثة تطورات الأحداث الرئيسية:
1. انتصار البيتكوين
يستعاض بالبيتكوين عن الدولارات (وربما عن سائر النقد الإلزامي كذلك) ويتحول إلى الوحدة الأساسية للصرف في الاقتصاد. سيقوم الناس بشراء البيتزا والمنازل والسيارات ودفع الآجار والخدمات المنزلية بالبيتكوين.
2. البيتكوين كذهب رقمي
سيبقى النقد الإلزامي وسيلة رئيسية للصرف باستثناء بعض البلدان المحرومة. تنمو رسملة السوق لدى البيتكوين مع الزمن وتظهر بين الحين والحين الفقاعات والانهيارات.
3. سقوط البيتكوين
تفقد هذه العملة المشفرة شعبيتها وترخص كثيرا ولن تدخل حيز الاستخدام مطلقاً.
يجوز المعرفة بأي تطور الأحداث يتغير الوضع بفضل مؤشرين: سعر صرف البيتكوين بالنسبة للدولار ومستوى التضخم في الولايات المتحدة.
إذا رخص البيتكوين كثيراً فمن المحتمل جداً حدوث تطور الأحداث الثالث. أما انهيار الدولار بالنسبة للعملة المشفرة والسلع والخدمات الواقعية يطابق تطور الأحداث الأول. ارتفاع قيمة البيتكوين مع تضخم أدنى يعني تطور الأحداث الثاني.
كنت أؤمن بتطور الأحداث الثاني لفترة طويلة. بما أن العدد الأقصى من البيتكوينات محدود فإن العملة المشفرة بجوهرها انكماشية ويجب أن تأتي بالدخل الإيجابي المتوقع (مثل الذهب).
تقصد النظرية المالية أن الأصل الذي يوعد الربحية العالية يجب أن يكون متقلباً. في النتيجة تنخفض فائدته بمثابة وسيلة الدفع (لا أحد يريد أن تتقلص القوة الشرائية لمدخراته خلال يومين إلى النصف).
على كل حال الاحتمال أن الاهتمام بالبيتكوين سيذهب كلياً قليل ولا سيما إذا حسبنا الحاجة به في اقتصاد الظل. وهكذا على الأرجح أن البيتكوين سيبقى معنا لفترة طويلة وستظهر بين الحين والحين الفقاعات/ الانهيارات وسيكسب قيمته ببطء. لهذا السبب بالذات أنا أحفظ في محفظتي على بعض من البيتكوينات.
ما زالت المعطيات تؤكد على تطور الأحداث الثاني أي البيتكوين-كالذهب. يتضح من الرسم البياني أن البيتكوين يغلى رغم الفقاعة وما يليها من الانهيار. وفي نفس الآن يبقى التضخم على مستوى منخفض، فالناس حتى الآن غير مستعدين على الامتناع عن العملات الكلاسيكية.
الرسم البياني لدى البيتكوين شبيه جداً بالرسم البياني لدى الذهب. ما زال المعدن الثمين في الطلب رغم الفقاعة وما تلاها من الانهيار في بداية العشرات.
لكن البيتكوين لا يشبه الذهب إلا ظاهرياً. ثمة حجج دامغة لصالح تطور الأحداث الثالث حيث تفقد هذه العملة المشفرة شعبيتها وتغدو مهجورة. وقد أوجز عن الواحدة من هذه الحجج في كتاب "الحدود الاقتصادية للبيتكوين والبلوكشين" (The Economic Limits of Bitcoin and the Blockchain) إيريك بوديش وهو اقتصادي من جامعة شيكاغو.
أساس أية عمليات تتعلق بالمال هو الثقة إذ عليك أن تثق أن الشريك لن يرسل لك مالاً مزوراً أو لن يلغي المعاملة بعد استلامه للسلع.
والمصارف التي تراقب العمليات مع النقد الإلزامي استحقت هذه الثقة خلال تاريخها الطويل، لذا المعاملات بمشاركة المصارف تكلف رخيصاً جداً. يقوم موظفوها بسحب المال من حسابك وإضافته إلى حساب المستلم. عند ذلك سيكون كلا الطرفين متأكدين أن المعاملة قد تمت بنجاح.
أما البيتكوين فيستعمل في شبكة لامركزية محرومة من أية هيئة رقابية. بكلمة أخرى لا بد من بناء الثقة في كل مرة حين تتم العملية. ويسمح البلوكشين على فعل ذلك بواسطة شبكة العرض للاعبين المتنافسين الذين يقبضون مكافآت لقاء التحقق من المعاملات.
لكن بوديش يلاحظ أن إعادة ضبط الثقة في كل مرة قد يكلف غالياً جداً. فالشخص سيء النية ذات قدرة الحوسبة الكافية سيقدر على السيطرة على البلوكشين. وسيكون بمقدوره إجراء معاملات زائفة بالبيتكوينات فيستلم السلع ولا يدفع عليها.
يؤكد بوديش أنه كي لا يحدث ذلك يجب أن يكون دخل المعدنين من معاينة المعاملات والتأكيد عليها أعلى بكثير من الربح المحتمل من الهجوم. بكلمة أخرى كلما كان الربح المحتمل من الهجوم أعلى يجب أن تكون المعاملات أغلى.
والأسوأ من ذلك يجوز هجوم شخص ما على البيتكوين بهدف تخريبه والقضاء عليه مثلاً من أجل تقديم عملته المشفرة الخاصة.
الضعف الذي يتكلم عنه بوديش – ألا وهو ضرورة إعادة ضبط الثقة باستمرار في ظروف خطر التخريب – قد يجعل البيتكوين غير مربح اقتصادياً. وإذا حدث هذا يمكن أن تحل محله عملات مشفرة أخرى أو تعود البشرية إلى الأموال الكلاسيكية.
قد لا يطابق رأي المؤلف موقف هيئة التحرير.