هل تنتهي الابتكارات؟ يستبعد ذلك
AP Photo/Paul Sakuma
الصفحة الرئيسية التقنيات

هناك مخاوف أن الاختراع يزداد صعوبة، فهل سينضب سيل الابتكارات الذي غيّر حياتنا جذرياً نحو الأفضل؟

من الصعب أن تصدق صحة هذه المخاوف وأنت تنظر إلى وادي السيليكون أو المراكز الجامعية للبحث والتطوير. مثلاً، ابتكر العلماء في كاليفورنيا مؤخراً مادةً تتبرد ذاتياً إلى −13°م حتى عندما تسقط عليها أشعة الشمس المباشرة ودرجة حرارة الوسط المحيط تزيد على الصفر. هذا اختراق حقيقي في مجال تكنولوجيا التبريد.

لكن نظام البحوث والتطوير يتغير. لاحِظْ براءات الاختراع الممنوحة في الولايات المتحدة خلال آخر 200 سنة تشاهد أن الاختراعات «تتضاءل»، أي تصبح أقل أساسيةً وثورية. كشف بحث موثوق قاعدة عجيبة في توزع التقانات المستخدمة في براءات الاختراع الجديدة: كان عدد التقانات الجديدة على مدى أغلب القرن التاسع عشر يتزايد تزايداً أسّياً، وكانت الاختراعات آنذاك تشمل أغراضاً جديدة تماماً، وحصل تقدم عظيم في الكيمياء (يكفي اختراع البطارية الكهربائية القابلة للنقل) والترموديناميك. وكان علماء البيولوجيا يشاركون في التقدم أيضاً، ويكفي أن نذكر إنشاء النظرية الخلوية المتكاملة.

وبعد سنة 1870 تحول التركيز نحو التآزر بين الأغراض المخترعة سابقاً، فمثلاً تطلّب اختراع المصباح الكهربائي توفر مجموعة من التقانات: توليد الكهرباء وإنتاج أسلاك توهُّج دقيقة من التنغستين والموليبدينوم وحبابات زجاجية رقيقة مملوءة بغاز خامل. قلت التقانات الجديدة في براءات الاختراع، لكن سيل الاختراعات الجديدة لم ينضب.

بدأت موجة ما يسمى الابتكارات «الكبرى» التي تجمع بين تقانات متباينة نوعياً تنخفض منذ سبعينات القرن العشرين. كانت نسبة التقانات الابتكارية في سنة 2010 نحو نصف براءات الاختراعات الجديدة، بينما في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين كانت هذه النسبة حوالي 70٪. حتى في وادي السيليكون صار عدد الاختراعات حالياً أقل مما كان يحدث في الولايات المتحدة في الخمسينات.

يؤكد ذلك مبدئياً رأي عدد من الاقتصاديين مثل روبرت غوردون:

لم يكن للثورة في مجال تكنولوجيا المعلومات تأثير مماثل للثورتين الصناعيتين السابقتين اللتان تمخضتا عن ابتكار علوم التعدين المعاصرة وكيمياء النفط والسكك الحديدية ونظم الطاقة الكهربائية وغيرها الكثير. في الواقع، يستهلك المجتمع في الحاضر ثمار العصور الماضية ولا يستطيع أن يبتكر إلا القليل.

من جهة أخرى، يعتمد تقييم سرعة وجودة الابتكار على الطرائق المستخدمة، ولا يمكن التنبؤ بماهية الاختراعات القادمة ولا زمن حدوثها. فمن المحتمل أن تبدأ الاختراعات تتوجه باتجاه جديد تماماً. يستند الجزء الأهم من التقانات المبتكرة – سواء اختراع الصمام الإلكتروني أم طباعة كبد الإنسان على طابعة ثلاثية الأبعاد – إلى المعارف عن الذرات والجزيئات والخلايا وعلى إمكانية توجيه تفاعلاتها في الاتجاه المطلوب. وحتى الآن لا يوجد إلا القليل من التقانات والحلول الابتكارية في مجال التحكم بالتفاعلات في المجتمع البشري.

يمكن أن تؤدي الثورة المعلوماتية في المجتمع إلى نتائج عالمية حقاً. تم إنجاز الكثير، مثلاً بجهود Google وFacebook، إلا أن هذا ليس إلا بداية تحوُّل المجتمع وقطاع الأعمال. ترى هل يمكن أن تساهم التقانات الجديدة في إنشاء أشكال جديدة من الديمقراطية أو شكل آخر لنظام الحكم أكثر كفاءة في مجابهة الفساد ومجموعات النفوذ الأخرى؟

لا يمكننا أن نحكم على ذلك، مثلما لم يكن بإمكان علماء الفيزياء في القرن الثامن عشر أن يعرفوا من سيخترع الكهرباء ومتى. يبدو أن هناك اختراعات أساسية عديدة تنتظرنا في المستقبل.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق