تسمح بطاقات الائتمان بالكسب وليس بالإنفاق فقط.
قامت أنجلينا أوسيلو خلال السنة الماضية بتسعين رحلة جوية في كل أرجاء العالم، ولم تكلفها الرحلات العديدة إلى بلدان الشرق الأوسط وأستراليا وأمريكا الجنوبية وآسيا شيئاً تقريباً.
أين يكمن سرها؟ إنها تستخدم بطاقات الائتمان، ولا تكتفي بثلاث أو أربع بطاقات، بل لديها حالياً 24 بطاقة، وقد بقيت عشر سنوات تجمع بواسطتها بحماس وولع النقاط ومكافآت الأميال الإضافية.
أخذت أنجلينا عادة الاعتماد على بطاقات الائتمان عن أبيها الذي أخذ ابنته معه يوماً في رحلة في أوروبا على حساب النقاط التي جمعها بنفسه. وفي يوم من الأيام، بعد أن زارت أنجلينا سيميناراً لأحد المدونين المشهورين حول كيفية العيش على حساب المكافآت من بطاقات الائتمان، قررت نقل ولعها بالسفر إلى مستوىً جديد فأطلقت مدونة خاصة بها سمتها Just Another Points Traveler («مسافر آخر على حساب مكافآت الأميال»). تتذكر أوسيلو:
«كنت أعتقد سابقاً أن هوايتي سخيفة، وعندما سجلت في سيمينار المدون Frugal Travel Guy («المسافر المقتصد») في شيكاغو، لم أكن أتوقع أي نتائج منه. لكني صعقت ولم أكن أصدق أن هناك فئة اجتماعية كاملة من أناس مهووسين بنقاط المكافآت مثلي».
أصبحت أنجلينا الآن عضواً فاعلاً في مجتمع إنترنت يتألف من أشخاص لديهم ولع ببطاقات الائتمان تشكَّل في عصر المنتديات منذ نحو 20 سنة.
يوجد في الحاضر عدد هائل من المدونات التي تحكي عن أفضل البطاقات فيما يتعلق بالأميال والمكافآت، وحوّل عدد من المدونين هوايتهم إلى حرفة فصاروا يكسبون أموالاً طائلة من خلال دورات يشرحون فيها لقرائهم كيفية الحصول على منافع غير مسبوقة بحركة سحرية من بطاقة ائتمان.
يدور في العالم حالياً أكثر من ملياري بطاقة ائتمان. تبين من استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة غالوب في سنة 2014 أن المواطن الأمريكي الذي يستخدم بطاقات ائتمان لديه وسطياً 3.7 بطاقة، وفي حين يملك 33٪ منهم بطاقة أو اثنتين، يستخدم 9٪ خمسة أو ستة بطاقات و7٪ منهم لديهم أكثر من سبع بطاقات.
ظهرت بطاقات الائتمان المعاصرة حوالي سنة 1950، ومبدأ المكافآت أحدث عهداً منها. كانت بطاقة الائتمان الشاملة من شركة هاتف AT&T أول من قدم خدمة استرداد النقود وأتاحت المجال لتحويل الموارد التي توفرها لتسديد أجور المكالمات الهاتفية في سنة 1986. وفي الحاضر كل بطاقات الائتمان تقريباً فيها شكل من أشكال برامج مكافآت، من أميال إضافية للرحلات الجوية إلى حسوم على شراء البضائع.
في مجتمع المدونين «الائتمانيين» يعتبر جمع المكافآت من أجل السفر المهمة الرئيسية. يمكن للمستهلكين اختيار خيارات أخرى مثل استرداد النقود أو شراء أجهزة من كتالوج شركة الائتمان (بأسعار مرتفعة عادةً)، ولكن السفر يبقى مفضلاً على جميع المكافآت الأخرى في الغالب. مثلاً، يبلغ ثمن بطاقة طائرة في الدرجة الأولى إلى سيؤول لشركة الطيران الكورية 13 ألف دولار، ولكن يمكن اقتناؤها مقابل 160 ألف ميل إضافي، وهذه يمكن تجميعها باستخدام عدد صغير من بطاقات الائتمان المناسبة.
يشرح جو ويسترايخ، المحاسب من كوينز البالغ من العمر 27 سنة، والذي يتابع عدداً من المدونات حول بطاقات الائتمان:
«إن استخدام المكافآت من أجل السفر أفضل من وجهة النظر المالية. استعادة النقود مضمونة بالتأكيد، فالنقود تعود إلى حسابك المصرفي، ولكنك لا تحصل في الواقع على أكثر من سنت أو اثنين من كل عملية شراء. أما عند استخدام الأميال فتتزايد المكافآت عند تحويلها إلى دولارات تزايداً أسياً، وهذا فعلاً يشبه الحصول على إمكانية السفر مجاناً».
يجمع أغلب هواة بطاقات الائتمان بنجاح بين هوايتهم وحب السفر. بعضهم لديه ولع بالسفر وبعضهم الآخر يحب اللقاء مع الأهل القاطنين في بلد آخر. تصيغ إميلي يابلون التي تكتب مع زوجها داريوس دوباش في مدونة بعنوان Million Mile Secrets («أسرار المليون ميل») الفكرة على النحو التالي:
«نستطيع السفر إلى أماكن ما كنا زرناها لولا الأميال الإضافية فنحصل على ذكريات تدوم مدى العمر. أخذنا والدينا في رحلة حول العالم وسنحت لنا فرصة زيارة جدتي في فلوريدا قبل وفاتها. خلال آخر سنتين فقط سافرنا بما يعادل 220 ألف دولار ودفعنا مقابل ذلك أقل بكثير».
يكتفي آخرون بدوافع أبسط من ذلك. يعترف مايكل روبيانو المستشار التقني الذي يجمع الأميال ببطاقات الائتمان منذ أكثر من 25 سنة ويسمي نفسه «مدمن المكافآت» قائلاً: «نقول أنا وأصدقائي أن المنفعة في كلفة الرحلة وليس في وجهتها». بدأ ولع بين شلابيغ، صاحب مدونة One Mile at a Time («ميل واحد في كل مرة») البالغ من العمر 24 سنة عندما كان في الرابعة عشرة ودخل في عدد من سباقات الأميال، أي السفر لغرض واحد، هو الحصول على مكافآت الأميال. ويضيف أن «جزء لا يستهان به من مجتمعنا قد لا يحب السفر بحد ذاته كثيراً، لكنهم يحبون المقامرة ضد النظام».
يشرح شلابيغ الذي يعرفه الكثيرون في المجتمع بلقب «المحظوظ»:
«هذا شبيه بالولع بالكوبونات (extreme couponing، ضرب من الرياضة الحضرية التي تتطلب الاستخدام الأمثل للتنزيلات والمكافآت والكوبونات للحصول على أكبر قدر ممكن من أي سلعة بأقل مبلغ ممكن من المال من باب الإثارة فقط – ملاحظة المحرر). هؤلاء الناس يأخذون مقابل كوبوناتهم 10 آلاف عبوة من الحفاضات، مع أنهم ليس لديهم أولاد أساساً. أما في حالتنا فالدافع هو الاحتيال على شركة الطيران».
بدأ مدونته في سنة 2008 ويحظى الآن بعدة ملايين مشاهدة شهرياً، وجمهوره يشمل، حسب قول شلابيغ، «أبناء 18 سنة وأبناء 80 سنة».
يعتقد أغلب المدونين أن مجتمعهم تشكل في منتدى FlyerTalk. أطلق راندي بيترسون، ابن 61 سنة من العمر وأحد سكان كولورادو سبرينغز، والذي يسمي نفسه «القروي الطيب من ولاية آيوا»، هذا الموقع في سنة 1995، في تلك الفترة التي أصبح فيها الإنترنت عن طريق الاتصال الهاتفي ظاهرة معتادة. ترك بيترسون عمله في التجارة في سنة 1986 ليصدر مجلة Insider Flyer الموجهة لمن يضطرون إلى السفر كثيراً. كان يوزع نشرات دعائية لموقعه على الإنترنت في مطاري كيندي ونيوارك. وفي سنة 2007 باع موقع FlyerTalk إلى شركة Internet Brands، ويركز في الحاضر على مشروعه الأخير، وهو شركة Boarding Area التي تستضيف صفحات نحو 200 مدون يكتبون عن بطاقات الائتمان.
تعود جذور الكثير من المقامرات مع المكافآت التي ينغمر فيها شلابيغ وزملاؤه إلى موقع FlyerTalk. يعتبر شلابيغ نفسه مربياً رسالته مساعدة الناس في الحصول على أكبر منفعة من خلال استخدامهم لبطاقات الائتمان. لكل بطاقة مجموعة من القواعد والشروط والتقييدات والرسوم، بالإضافة إلى ثغرات يمكن استغلالها للالتفاف على ما سبق، ويقر الكثيرون من أفراد المجتمع أنهم احتاجوا إلى شهور من مطالعة FlyerTalk لإدراك بعض أكثر المفاهيم تعقيداً. يسعى المدونون «الائتمانيون» تحديداً إلى شرح هذه التفاصيل للمستهلك العادي.
إن تعليم الناس ليس دافعهم الوحيد بالتأكيد، إذ تتدخل في الموضوع مبالغ مالية كبيرة. يقول بيترسون أن بعض المدونين يكسب أكثر من 500 ألف في السنة، عدا عن الرحلات المجانية التي يحصلون عليها بفضل مكافآتهم الخاصة. لا يقتصر نشاطهم اليوم على نشر الإعلانات والدعاية، بل يعملون كذلك مع شركات الائتمان لتسويق بطاقات معينة ويحصلون بالمقابل على أرباح عبر وصلات الشركاء. وأحياناً تباع مثل هذه المدونات، فمثلاً مدونة The Points Guy اشترتها في سنة 2012 شركة Bankrate المالية، ومدونة Frugal Travel Guy المذكورة سابقاً اشترتها Internet Brands. يقول جو ويسترايخ:
«يصعب تصديق المدونين الذين يرتزقون من المنتجات التي يسوقونها. إن القراء القدامى لديهم معرفة بالموضوع أعمق من القراء الجدد الذين يتركون طلبات للحصول على أول بطاقة ائتمان يقرؤون عنها؛ ولكن هناك خطأ في السعي إلى إجبار القارئ على النقر على وصلات الشركاء».
يعارضه بيترسون: هذا المجال فعلاً يتحول إلى تجارة، مثله مثل غيره، والقراء يجب أن يجيدوا تقييم المعلومات من الموارد التي يزورونها:
«إذا كانت خمس تدوينات من أصل عشرة في مدونة ما تدعوك إلى اقتناء بطاقة ائتمان معينة، فهي تدوينة غير مناسبة. أما إذا كانت ثمانية من عشر تدوينات تصف كيفية السفر بالدرجة الأولى فقد وجدت مدوناً جيداً».
لقد تضخم المجتمع المتشكل حول المدونات عن بطاقات الائتمان بشكل ملموس خلال السنوات الماضية، وبدأ الكثيرون من القراء المثابرين لموقع FlyerTalk مدوناتهم الخاصة. يقول شلابيغ أن هناك مواقع كثيرة تبدأ جيداً ثم تفشل، ولكن تلك التي تبقى غالباً ما تحتل مكانتها الخاصة بها. تستهدف مدونة Heels First Travel محبي الموضة، ومدونة Muslim Travel Girl تكرس الكثير من تدويناتها لزيارة المعالم الدينية. موقع Mommy Points موضوعه السفر مع الأطفال.
مدونة Dan’s Deals التي يديرها منذ سنة 2004 الحاخام الحبادي دان إليف من أوهايو صارت محجاً للمهووسين بالنقاط. ظهر شغف إليف بالنقاط وهو تلميذ في المدرسة، ففي عمر 12 سنة كان يجر أبويه إلى السوق لشراء ألعاب ليبيعها في eBay بثلاثين ضعف ثمنها. كان يستخدم eBay في الوقت الذي كان الموقع يكافئ مستخدميه بنقاط، وكان يعرف برنامج مكافآته Anything Points عن ظهر قلب.
ولاحقاً، خلال دراسته ليصبح حاخاماً، كان إليف يطوف في الإنترنت بحثاً عن صفقات جيدة لشراء ورق التواليت من أجل مدرسته الدينية، ثم قرر التدوين ليصف صفقاته في مدونته. اشترى في سنة 2007 موقع DansDeals.com وحاز على مليوني مشاهدة شهرياً، ويجري الآن عدداً من السيمينارات كل سنة. بين معجبيه الكثير من اليهود الذين يبحثون عن وسيلة سفر رخيصة إلى إسرائيل. يقول إليف أنه استخدم في حياته أكثر من 500 بطاقة ائتمان، وسافر مع أسرته أكثر من مرة حول العالم بفضل مكافآت الأميال.
يعتقد إليف أن نمو مجتمع المدونين أدى إلى تزايد النفاق في طرائق تسويق بطاقات الائتمان، ويضيف أنه اضطر إلى قطع علاقات عمل معينة بسبب صعوبة الدفاع عن مصالح القراء وفي الوقت نفسه إرضاء أصحاب الدعايات، لكنه يسعى، كما في السابق، إلى الكتابة عن الأشياء التي تهمه فقط. وبالإضافة إلى النصائح حول بطاقات الائتمان كثيراً ما يكتب عن الحملات في موقع Amazon و Charles Tyrwhittلأنه يعتبر مدونته خدمة واسعة الطيف حول التوفير. يقول إليف:
«أظن أن الناس يعجبهم أنني أجرب كل شيء بنفسي. حدث أنني رفضت نشر دعايات معينة لأنني لا أثق في هذه البطاقة تحديداً من Disney أو Visa Black ولا أريد أن أكتب عنها. من جهة أخرى، كثيراً ما أكتب أخباراً عن السفر جواً في كليفلاند وأعرف أن أغلب القراء لا يهمهم ذلك، إلا أنه يهمني أنا!»
يكتب الكثير من المدونين في هذا المجال، مثل إليف، عن التوفير بشكل عام. أحد قراء Dan's Deals أورين وكستوك، طبيب الاسنان من نيوجرسي عمره 29 سنة، يكافح نخر الأسنان في النهار ويتحول في الليل إلى مدون يكتب عن بطاقات الائتمان ذات أفضل شروط استرداد النقود والأماكن التي يمكن فيها شراء بطاقات هدايا بسعر مخفض. لنأخذ مثلاً شراءه الأخير في Children’s Place: كان من الممكن أن يكلفه الغرض 47 دولاراً، ولكنه أنفق عليه 20.88 فقط بفضل كوبون تنزيلات وبطاقة هدايا وموقع شريك، كما حصل على استعادة نقود ورصيد صغير من أجل الشراء القادم. يعترف وكستوك أن زوجته تعتقد أنه مجنون وتنوي إطلاق موقع لمساعدة النساء ذوات وضع مماثل لوضعها بعنوان Dan’s Deals Wives («زوجات Dan’s Deals»). لكن وكستوك يقول أن الأمر جدير بالعناء:
«هناك من يعتقد أن هذا ليس إلا مضيعة للوقت ووجع رأس. لكني راض عن هذا. إنها هوايتي، وكلما زادت الصعوبات أعجبني الأمر أكثر. أنها ضرب من المنطق الأعوج. لو كان هذا مصدر رزقي لاعتبرته عملاً مملاً، ولكنني أستمتع بهوايتي عندما أساعد الناس في استعادة نقودهم وزيادة دخلهم والسفر، ويكفيني هذا الحافز».
يعتبر المدونون الائتمانيون أن الرأي بأن كثرة بطاقات الائتمان يمكن أن تؤذي سمعتك الائتمانية ليس إلا خرافة. من يجيد تخطيط أمواله يقولون أن هذه الهواية تؤدي في الواقع إلى تحسين السمعة الائتمانية. تقول يابلون صاحبة مدونة Million Mile Secrets أن تصنيفها الائتماني قد ارتفع خلال الثماني سنوات من اقتناء بطاقات ائتمان جديدة لأنها كانت مستلفاً جيداً حيث كانت تسدد ديونها في الوقت المحدد دائماً.
إلا أن خطر الغرق في الديون يبقى قائماً بالنسبة للكثيرين. كتبت أريانا ريبوليني، واحدة من محرري BuzzFeed، بكل صراحة عن السنوات التي قضتها غارقة في الديون. قررت المقامرة مع بطاقات الائتمان لتحسين سمعتها الائتمانية، ولكن عندما أدى تغير مكان عملها إلى انخفاض دخلها «بدأت المشاكل تتضخم مثل كرة ثلج». عندما وصلت ديونها إلى حوالي 17 ألف دولار وبدأت وكالات التحصيل ملاحقتها، انتقلت ريبوليني إلى بيت والديها وقضت السنتين التاليتين في تسديد ديونها. تقول ريبوليني:
«عندما تعاملك شركات الائتمان معاملة حسنة وتغدق عليك بالمكافآت، يسهل التحكم بك. أعتقد أن الناس عموماً يدركون مخاطر بطاقات الائتمان، ولكن يصعب تخيل ما يمكن أن يحصل في الواقع».
يتفق شلابيغ أن صيد المكافآت ببطاقات الائتمان يجب التخطيط له بعناية بالغة:
«الفكرة بحد ذاتها تعجب الناس بالتأكيد، ولكن أغلبهم غير مستعد لبذل ما يكفي من الجهد من أجلها. أغلبنا يكرس لهذا كامل وقته: فأنا مثلاً أعمل 16 ساعة يومياً سبعة أيام في الأسبوع. هذا يتطلب القدرة على تنظيم الذات والحساب. أنت لا تريد أن تفسد سمعتك الائتمانية بسبب التأخر في تسديد الأقساط، لذا يجب أن يبقى كل شيء تحت سيطرتك. هذا الأمر غير مناسب لمن لا يستطيع السفر بلا تخفيضات، إنما للناس الذين لديهم دخل كافٍ».
ومن يرتاحون للعيش في عالم المكافآت يؤكدون أن ما يكفي من الجهد والتنظيم يمكن أن يأخذاك بعيداً (بالمعنى المباشر للكلمة).
يقول بوبي فينكن، المقرض التجاري من تكساس الذي لديه أكثر من مئة بطاقة ائتمان:
«عندما يكون عندك مثل هذا العدد من البطاقات لا مفر من التأخر في تسديد بعضها. ولكن إذا كان تنظيمك صحيحاً، فيمكن أن تستفيد منها كثيراً. لقد جمعت ما يقارب مليون نقطة مكافآت، وبفضلها أسافر في إجازة مع زوجتي وأولادي الثلاثة كل سنة. أحتفظ ببعض البطاقات فقط لأنها تمنحك ليلة واحدة مجانية في الفندق سنوياً. هذا لا يحتاج إلى ذكاء خارق».
مع أن اقتناء عدد من بطاقات الائتمان والاستفادة من الثمن النسبي المرتفع لنقاط المكافآت في السفر حول العالم في الدرجة الأولى ليس بالأمر الصعب، إلا أن تحقيقه في الواقع ليس بسيطاً، وتحديداً لأن الكثير من المهووسين ببطاقات الائتمان ينشئون حلقة مفرغة من النفقات، أي يشترون أشياء لها قيمة مالية كالحوالات المالية أو بطاقات الهدايا للحصول على نقاط المكافآت ثم يبيعون السلع ليستعيدوا نقودهم.
في سنة 2011 أوقفت دار السك الأمريكية سك القطع النقدية الفضية من فئة دولار واحد لأن الناس كانوا يطلبونها بالآلاف ويدفعون ثمنها ببطاقات ائتمان، ثم يحضرونها إلى البنك ليضعوا قيمتها في حساباتهم المصرفية (ويزعم أحدهم أنه كسب بهذه العملية 4 ملايين نقطة مكافأة). تظهر الطرائق الجديدة وتختفي مع ابتكار شركات الائتمان لوسائل مكافحتها.
وحالياً يستطيع المستخدمون تحويل الأموال من بطاقات ائتمانهم إلى البطاقة الداخلية لشبكة متاجر Target اسمها RedCard (واسمها الشعبي RedBird)، وبعد احتساب نقاط المكافآت يمكنهم إعادة هذه المبالغ مرة أخرى إلى حساباتهم المصرفية. كان هناك برامج مشابهة في إطار برنامج المدفوعات في Amazon وفي بطاقة Visa الصادرة باسم Vanilla Reload وبطاقة Bluebird من American Express. يلاحظ راندي بيترسون:
«يمكن أن تصبح مثل هذه الحيل أسلوباً ممتازاً لكسب المال بلا نفقات كبيرة بالنسبة لمن لديه الوقت الكافي. إذا استطعت أن تدرس جميع تفاصيل بطاقات الهدايا والمكافآت الكبيرة وبطاقات المدين التي تسمح بالسحب على المكشوف وفترات الامتيازات، يمكن أن تحصد ثماراً لا يستهان بها».
مع أن هذا قد يبدو احتيالاً، يرى بيترسون أن مثل هذه المخططات مفيدة للجميع، لأن المستهلكين يمكنهم جمع النقاط، وشركات الائتمان تحصل على أرباح من رسوم المعاملات والرسوم السنوية والعملاء الذين لا يسددون أقساطهم في حينها فيدفعون الفوائد. هذه الحيل لا تدوم. أغلقت Amazon نظام المدفوعات في أكتوبر، ولكن قبل ذلك التاريخ كان بإمكان الزبائن تحويل الأموال بين بطاقات الائتمان والحسابات المصرفية والحصول على نقاط بلا أي نفقات.
ويعلِّق إليف أن ما يُقلق شركات بطاقات الائتمان ليس الاحتيال في تحويل الأموال فحسب. في السابق كان يمكن أن تطلب في آن واحد عدداً من بطاقات American Express وتزيد مكافآت الترحيب، لكن الشركات تبدأ بالحد من هذه الممارسة. ويضيف أن الكثير من الشركات تحدد مفهوم المبلغ الأدنى الذي يجب أن تنفقه كي تحصل على مكافأة ترحيب، ويعود ذلك غالباً إلى إدراكها للمبالغ التي يتصرف بها عملاؤهم. لنأخذ على سبيل المثال البطاقة المحبوبة Chase Sapphire Preferred: في نوفمبر الماضي رفعت عتبة المبلغ اللازم للحصول على مكافأة من ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف دولار.
كما يجب التنويه إلى أن تزايد أعداد المدونات وارتفاع أعداد المخططات والصفقات المنشورة نتيجة ذلك يؤدي إلى استياء في المجتمع يكاد يصل إلى حد الانشقاق، حسب رأي برايان كيلي صاحب مدونة The Points Guy. يقول كيلي أن المنتديات القديمة مثل FlyerTalk تعج بالمستخدمين الغاضبين الذي يعتقدون أن المجتمع لم يعد كما كان، وأن المدونات الجديدة تكشف للجميع الأسرار الغالية فتخربها:
«هناك بعض الشبه بين هذا المنتدى ونادي المراهقين، والجو متوتر حالياً، فالناس يمتعضون من أنني أكشف مخططاتي، ولكن من أعطاهم الحق في أغلاق باب العضوية؟ كنا جميعنا مبتدئين يوماً ما، والمعلومات في الإنترنت ليس لها حراس. تغريدة واحدة، إذا نشرتها كما يجب، يمكن أن تنتشر بين مليون شخص. إذا كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون المحافظة على الأسرار في الإنترنت فإنهم حمقى».