الأعضاء البشرية من الطابعة ثلاثية الأبعاد
الصفحة الرئيسية التقنيات

يروي الصحفي أندرو ليونارد عن تطور تطبيق التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد في البحوث الطبية.

تريد لورا بوسوورث طباعة حلمات الثدي النسائية على طابعة ثلاثية الأبعاد، وتراهن المديرة العامة لشركة TeVido Biodevices على المستقبل، حين ستستطيع المصابات بسرطان الثدي اللاتي أجري لهن استئصال الثدي أن يطلبن ثديين جديدين مطبوعين على طابعة حيوية من خلايا جسمهن الحية.

تقول بوسوورث: «يعرف كل واحد ولو امرأة واحدة تعاني من سرطان الثدي». في الوقت الحاضر إمكانياتهن محدودة. مثلاً، حلمة الثدي التي يتم تصنيعها باستخدام آخر إمكانيات الجراحة التجميلية «تفقد شكلها ولا تستمر إلا فترة قصيرة»، حسب قولها. أما الحلمة الوظيفية المبنية من الخلايا الشحمية للمريضة نفسها والمصنوعة بشكل يتوافق تماماً مع مميزات الحلمة الأصلية يمكن أن تقدم فائدة عظيمة في تجاوز الرضح النفسي الذي كثيراً ما يرافق استئصال الثدي.

تعترف بوسوورث بلا تحفظ بأنه، ولكي يصبح الثدي المطبوع على طابعة ثلاثية الأبعاد متاحاً في الواقع، يجب التغلب على صعوبات لا يستهان بها. رغم موجة الحماس التي تصاعدت بعد أن أثار أنتوتي أتالا، أستاذ جامعة ويك فوريست، إعجاب الجمهور في مؤتمر TED في سنة 2011 عندما حاول أن يطبع كلية بشرية على طابعة ثلاثية الأبعاد، لم يستخدم أحد حتى الآن هذه الطابعات لإنشاء أعضاء بشرية وظيفية.

التقدم في العلوم ليس إلا نصف النجاح؛ لا تجد الرأسماليين الاستثماريين يتزاحمون على أبواب TeVido. تلاحظ بوسوورث أن جمع الموارد من أجل «تطبيق لطلب سيارة تكسي» أسهل بكثير من جمعها من أجل مشروع طبي حيوي ثوري يحتاج إلى ملايين الدولارات من النفقات قبل البدء بالتجارب السريرية الضرورية لتسويق المنتج.

ومع ذلك، فإن بوسوورث متأكدة أن سوقاً يبلغ حجمه 6 مليارات دولار ينتظر من يسبق الآخرين في إخراج هذه المشاريع من المختبرات إلى الأسواق. يؤكد المؤسس المشارك لشركة TeVido توماس بولاند، وهو من أوائل العلماء الذين استخدموا الطابعات ثلاثية الأبعاد للطباعة بطبقات من الخلايا الحية وليس بالأحبار، يؤكد أن «هذا المجال يمر بمرحلة تطور هائل». ويعمل الباحثون في كل أنحاء العالم: في الصين وروسيا وسويسرا ومختبرات الجامعات الكبرى وفي سان دييغو مهد التكنولوجيا الحيوية، يعملون على طباعة المواد الحيوية. ويلتقي ضمن هذا الميدان علم المواد مع البيولوجيا الخلوية وإدارة الإنتاج بمساعدة الكمبيوتر.

لو نصدق جميع الادعاءات التي سمعناها في الفترة الأخيرة، فسوف نبدأ قريباً بطباعة الأطعمة والسيارات والبيوت والأجهزة الإلكترونية… فظاعة! ستتحطم بنية التجارة العالمية كلياً إذا استطعنا طباعة كل ما نحتاجه في بيوتنا بدل أن نستورد كل ذلك من الصين ونحضره إلى بلادنا في حاويات شحن.

تبدو الإمكانيات لامتناهية تقريباً، ولو أن الواقع الراهن محدود.

ومع أن هذا الخطاب الصاخب قد يوحي بأن الأمر مجرد دعاية، إلا أن عوالم الخيال العلمي من جهة والطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد المتاحة حالياً قد اجتمعتا في الواقع مرة واحدة على الأقل عندما التقى نتيجة صدفة خارقة طبيب جراح يعمل على إعادة تصنيع حلمة الثدي ورائد في إنتاج النسج البشرية ومستقبليّ روسي (قد يكون مجنوناً). وهذا الاتحاد العابر يمكن أن يوحي بإمكانيات عظيمة لا يفضل العلماء المتحفظون مناقشتها علناً عادةً. وما كان يبدو غير معقول يختلط بالحياة اليومية، وإليكم التذكير بأغرب أمر: فنحن نتحدث الآن بكل جد وبأسلوب عملي عن طباعة أجزاء من جسم الإنسان في الحياة الواقعية.

لنعد إلى الحلمة

في سنة 2000 بدأ توماس بولاند، الأستاذ المساعد في جامعة كليمسون في كارولينا الجنوبية، يفكر أول مرة في تحوير طابعة نافثة للحبر من ماركة HP لكي تستطيع موضعة طبقات من الخلايا واحدة فوق الأخرى، ولهذا حصل على لقب «جد الطباعة الحيوية»، والآن يدير برنامج الهندسة الطبية الحيوية في جامعة تكساس في إل باسو. وفي سنة 2010 التقت بوسوورث، المديرة المستقيلة التي كانت تعمل سابقاً في Dell Computers، التقت مع بولاند من خلال برنامج جامعي للتوجيه الذي يرمي إلى الجمع بين العلماء ذوي توجهات نحو ريادة الأعمال مع المحاربين القدماء في قطاع الأعمال. تتذكر بوسوورث:

«كلما تعرفت أكثر على إمكانيات هذه التكنولوجيا، شعرت أكثر فأكثر أن هذا عجيب. ويوماً ما قلت لتوماس: "علينا أن ننشئ شركة"، فأجاب: "هيا بنا"».

لا يستغرب المرء حماس بوسوورث، فتكنولوجيا الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد سهلة الوصف نسبياً وفي نفس الوقت تصعق الخيال. بدل طباعة طبقات من البلاستيك أو مواد تخليقية أخرى تستخدم لإنشاء أغراض مادية غير حي، تطبع الطابعة الحيوية باستخدام «حبر» من الخلايا الحية. وغالباً ما تخلط طبقات من مختلف أنماط الخلايا بطبقات من المادة بين الخلايا، وهي هلامة تبقى الخلايا معلقة فيها.

نسيج في طبق بتري مطبوع على طابعة ثلاثية الأبعاد (بعد الطباعة مباشرة). قدمت الصورة جامعة آيوا.

تقوم البيولوجيا الخلوية على مر العقود باستنبات الخلايا وتحاول إنشاء بنىً أكبر حجماً منها. تكمن مزايا الطباعة ثلاثية الأبعاد، حسب كلام بولاند، في دقتها ومرونتها وسرعتها. يمكن موضعة مختلف أنماط الخلايا في أماكن محددة أسرع بكثير مقارنة بصف الأنسجة يدوياً. إن السرعة لها الأهمية الحاسمة، فكلما كانت عملية التجميع أبطأ، يزداد احتمال موت الخلايا؛ أما استخدام عدة رؤوس طباعة يحوي كل منها معلقات من خلايا من أنواع مختلفة وهلامات يسمح بإنشاء بنى معقدة للغاية خلال فترة وجيزة.

ولكن موضعة الخلية في المكان المناسب وبسرعة ليس إلا بداية. إن التكنولوجيا التي سوف تسمح بالمحافظة على عيوشيتها تعتبر على نطاق واسع من أعظم العقبات أمام الغاية المنشودة، وهو إنشاء أعضاء وظيفية بالكامل يمكن غرسها في جسم الإنسان.

تتم المحافظة على حياة الخلايا في أعضاء الجسم على حساب المواد المغذية التي تصل عن طريق شبكة من الأوعية الكبيرة والشعرية. الكلية التي طبعها أنتوني أتالا أثناء مؤتمر TED كانت تشبه العضو البشري من حيث الشكل، ولكن لم يكن فيها شبكة أوعية دموية. يعترف بولاند:

«تبين أن دمج الأوعية الدقيقة في البنية المطبوعة مهمة معقدة للغاية».

لا يستطيع أحد في الوقت الحاضر أن يقول بكل مسؤولية متى وكيف سيتم حل مشكلة إنشاء شبكة الأوعية. مثلاً، في معهد ويس في هارفارد، لفت الانتباه فريق برئاسة جينيفير لويس الذي استطاع تطوير عملية يتم خلالها طباعة شبكة متفرعة من أنابيب دقيقة في كامل المادة بين الخلايا بواسطة أحبار حيوية تتمتع بخاصية نادرة: أنها تذوب عند التبريد. وبعد تجهيز البنية المتألفة من الخلايا الحية والمادة بين الخلوية وشبكة الأوعية الدقيقة، قام فريق لويس بتبريدها وشفط الحبر الحيوي الذائب منها فبقيت شبكة من الأنابيب الجوفاء التي يمكن استخدامها نظرياً لتوصيل المواد المغذية إلى الخلايا.

ويقول بولاند الذي يعمل حالياً مستشاراً في TeVido أن مختبره في إل باسو يجري تجارب طباعة «أقنية» من الخلايا البطانية، تلك التي تبطن جدران الأوعية الدموية، وتهدف هذه التجارب إلى تحديد ما إذا كانت هذه الخلايا قادرة على التنظيم الذاتي وتشكيل بنى وظيفية. ولكن سكوت كولينز، المدير لشؤون التكنولوجيا في TeVido، رفض مناقشة التفاصيل متحججاً بقضايا الملكية الفكرية.

يقول بولاند: «من حيث النتائج، هل استطعنا إنشاء عضو كامل؟ لا. ولكننا نقترب من الهدف أكثر فأكثر». ويضيف كولينز: «نسعى أن نكون الأوائل».

المنافسون من موسكو

المشكلة الأساسية التي تقف في وجه نجاح TeVido، وفق ما يقوله كولينز، ليست في مجال العلوم إنما في مجال التمويل، ففي الحاضر يضطر المشروع إلى الاكتفاء بالمنح الحكومية الشحيحة. وفي يناير قامت TeVido بخطوة غير مسبوقة حين شرعت بحملة تمويل جموعي على Indiegogo واستطاعت أن تجمع 30 ألف دولار من أجل تسجيل براءات الاختراع.

إن فكرة إعادة بناء الثدي بواسطة الخلايا الحية فكرة ملهمة، أما الواقع مثل محاولات جمع بضع عشرات آلاف الدولارات لتسجيل براءات الاختراع والطريق الطويل من المختبر إلى التجارب السريرية على البشر فيبدو مملاً أكثر. إن بناء أعضاء الجسم أصعب بكثير من كتابة تطبيق جديد.

ولكن في العصر الذي تبدو فيه التغييرات التكنولوجية الناجمة عن تكنولوجيا الكمبيوترات وسحر البرمجيات فورية، يختفي أحياناً الفرق بين الحلم العجيب والتطور العلمي الجاري. وبالفعل، يمكن أن نقول أن خلال السنوات القليلة الماضية صار هذا الفرق واضحاً في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد بالدرجة الأولى.

فلاديمير ميرونوف، المدير العلمي لمختبر بحوث التكنولوجيا الحيوية. قدمت الصورة 3 D Bioprinting Solutions

صدر في نوفمبر الماضي تقرير من Russia Today أحدث ضجة في العديد من المدونات ومواقع الإنترنت المعنية بالتكنولوجيا، بما فيه الطباعة الحيوية. أعلن العلماء في مختبر في موسكو اسمه 3D Bioprinting Solutions أنهم سيتمكنون من طباعة غدة درقية عاملة لفأر بحلول مارس 2015، والأكثر من ذلك، فقد صرح مدير المختبر فلاديمير ميرونوف أن المختبر سيتمكن من طباعة كلى جاهزة تماماً للزرع في سنة 2018. يقول ميرونوف:

«إن أول من سيتمكن من طباعة كلية وزرعها لمريض بنجاح، إذا عاش المريض، سيحصل بالتأكيد على جائزة نوبل».

ميرونوف، على الأغلب، محق في تكهنه بأن أول من سيطبع كلية بشرية عاملة سيحظى بمديح في كل أنحاء العالم. مهما كانت المزايا النفسية للطرائق المحسنة لإعادة بناء الثدي، لا تزال الحاجة إلى الكلى مسألة حياة أو موت، ففي الولايات المتحدة وحدها هناك أكثر من 100 ألف شخص على قائمة انتظار زرع الكلية، ولم يجر في سنة 2013 إلا 17 ألف عملية زرع. إن النجاح في طباعة الكلى البشرية ينقذ آلاف الأرواح.

لا أعتبر عادةً روسيا اليوم مصدراً موثوقاً للأخبار، ولكن في هذه الحالة شعرت بفضول بالغ. أحب أن أعرف مثلاً كيف ينوي ميرونوف حل مشكلة الأوعية الدموية؟ للأسف، جميع محاولاتي الاتصال به باءت بالفشل.

لكني استمتعت حقاً وأنا أحاول أن أجد معلومات عنه بواسطة Google.

أولاً، في سنة 2011 كتب ميرونوف مقالة في The Futurist وعد فيها أننا سنقدر قريباً أن نطبع إنساناً بالكامل:

«يسهل التكهن بأن استبدال جسد بآخر سيصبح في نهاية المطاف أمراً عادياً، مثل تبديل الملابس اليوم. ستندمج جراحة التجميل مع الموضة. ستلغي تكنولوجيا طباعة الإنسان ضرورة الانتظار 18 سنة للحصول على شخص بالغ تماماً: فنظرياً، يمكن طباعة الإنسان حسب الطلب، وسيكون من الناحية الوظيفية جاهزاً خلال بعضة أيام أو أسابيع. يمكن استبدال الدماغ بمعالج حيوي، مع أن ذلك يتطلب مزيداً من التقدم في بحوث الدماغ لفهم مبدأ عمله وتحقيق إمكانية تصنيعه».

إن عبارة «ستندمج جراحة التجميل مع الموضة» فيها بعض النواحي التي يمكن تطبيقها على طباعة حلمة الثدي. ولكن ذكر طباعة أناس جاهزين خلال بضعة أيام أو أسابيع؟ إذا أعدنا صياغة ما قاله توماس بولاند، فهذه المهمة على الأغلب ستكون شاقة للغاية.

ألكساندر ميترياشكين، مهندس في مختبر التكنولوجيا البيولوجية. قدمت الصورة 3D Bioprinting Solutions

وما يلي أكثر تشويقاً. في سنة 2003، حين كان ميرونوف يعمل باحثاً في المعهد الطبي في كارولينا الجنوبية، شارك في تأليف بحث حول مستقبل استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد لصناعة أنسجة الإنسان؛ ومن المؤلفين المشاركين في المقالة بولاند بعينه! المؤلف الثالث، غابور فورغاتش، البيوفيزيائي من جامعة ميزوري، صار لاحقاً أحد مؤسسي شركة اسمها Organovo التي خرجت إلى السوق بنجاح وتطبع حالياً عينات صغيرة من النسيج الكبدي البشري من أجل الاختبارات الصيدلانية. اسم ميرونوف مذكور في براءة اختراع تصنيع الأنسجة البيولوجية التي تملكها حالياً Organovo.

بعد عدة سنوات من بداية عصر الطباعة الحيوية إثر صدور مقال ميرونوف، حصل هذا الأخير على شيء من المجد في ثقافة البوب (حتى أنه ظهر في Colbert Report) فيما يتعلق بعمله على مشروع تموله РЕТА، ويعنى بتصنيع اللحم في المختبر المعروف كذلك بتسمية «شميت». هدف ميرونوف هو تحديداً إنشاء مصدر مضمون للغذاء من أجل البشرية في المستقبل.

وفي سنة 2011 كان ميرونوف مستعداً ليصبح مدير مختبر موسع لإنتاج الأنسجة الحيوية في الجامعة الطبية في كارولينا الجنوبية بميزانية قدرها 20 مليون دولار. ولكن في فبراير 2011 تم فجأة إيقاف بحوثه وإغلاق مختبره. لا تزال الأسباب سراً، لكن يحتمل أن سببه خلاف شخصي كبير. اكتفى عميد في تلك الجامعة بالقول أن ميرونوف قام بتصرفات «غير مقبولة». وعلق ميرونوف في مقابلة مع مجلة Nature: «إنهم يوقفون بحوثي ويقولون أني غير متّزن. هذا فيه شيء من السريالية».

بعد سنة 2011 تضيع آثار ميرونوف. يبدو أنه قضى وقتاً ما في العمل البحثي في البرازيل وهو ينشر من حين إلى آخر مقالات خيالية في The Futurist، حتى ظهر فجأة في موسكو حيث أنشأ شركة جديدة ومختبراً.

إذن، ماذا نستنتج؟ باحث حصل مرة على تمويل من PETA لتطوير اللحم الاصطناعي، يؤمن بأننا في نهاية المطاف سنطبع أناساً جاهزين لديهم معالجات حيوية بدل الدماغ، يعمل في روسيا على تطبيق الطابعات ثلاثية الأبعاد لإنتاج الغدة الدرقية الفأرية. وهذه ليست حبكة إحدى روايات بينتشون، إنما الواقع بعينه.

ومع ذلك، خلال بحثي عن المشاريع الرائدة التي أنشأها المؤلفون المشاركون في مقالة ميرونوف المنشورة في سنة 2003، وجدت TeVido وOrganovo، شركتين فعليتين يقوم فيها علماء حقيقيون بصنع أشياء حقيقية. في عالم الطباعة الحيوية الحد بين الخيال العلمي والعلم الجدي رقيق جداً.

شركة Organovo

حسب ما يقول مايكل رينار، نائب المدير التنفيذي للشركة في شؤون العمل التجاري، شركة Organovo هي «الرائدة بلا شك» في تسويق منتجات الطباعة الحيوية.

إنشئت شركة Organovo بهدف صناعة الطابعات الحيوية للبيع، وبعد التشاور مع المستثمرين والشركات الدوائية قررت الإدارة أن التكنولوجيا التي تطورها لها فرصة أفضل في مجال اختبار الأودية. وفي نوفمبر أعلنت Organovo عن الانطلاق التجاري «للنسيج الكبدي البشري المطبوع من أجل الاختبار قبل السريري للأدوية الجديدة».

مقطع من النسيج الكبدي البشري المطبوع. قدمت الصورة شركة Organovo

لا تشبه عينات النسيج الكبدي التي تصنعها Organovo في الحاضر العضو الوظيفي كاملاً، فهي قطع صغيرة جداً (3 مم طولاً و1 مم ارتفاعاً) عيوشيتها مضمونة لمدة 40 يوماً فقط. لا تشمل العينات البنى الوعائية الوظيفية. ولكن نظرياً يمكنها حل مشكلة هامة تواجهها الشركات الدوائية، وهي استحالة تجربة الأدوية على النسيج البشري الحي قبل المرور بإجراءات طويلة ومكلفة لإقرار المستحضر الجديد في إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية.

قد لا يبدو هذا جذاباً مثل طباعة كلية أو حتى حلمة ثدي، ولكن ما دامت التكنولوجيا تعمل ستكون نتائجها طويلة الأمد ملموسة، حيث يمكن تسريع عملية اكتشاف وتطوير المستحضرات الدوائية بفضل اختبار المستحضرات على نسيج اصطناعي، وهذا يسمح بالتخلص من الاختبارات الحيوانية المشبوهة من وجهة النظر الأخلاقية تماماً! وإذا صار مجال اختبار الأدوية مربحاً، تستطيع Organovo توسيع إمكانياتها والتحول من صناعة قطع نسيج صغيرة إلى بنىً أكثر تعقيداً. يقول رينار:

«لقد أثبتنا المفوم وأوصلناه إلى التطبيق العملي، والآن الغرض هو الاستمرار في التطور، وكذلك في صناعة نسج أخرى غير الكبد، مثل الكلية والرئة والجلد».

رفض رينار التعليق على ادعاءات ميرونوف حول النجاح الحتمي للطباعة الحيوية في روسيا؛ ولكن هناك علاقة واضحة بين التصريحات الغريبة لعالم غريب الأطوار ومشاريعه لاستبدال الدماغ بمعالج حيوي والبحوث العادية التي تجري في إل باسو وسان دييغو.

إن تحقيق طباعة النسج البشرية في سنة 2015 عجيب بحد ذاته. وربما (مجرد «ربما») كون طباعة الأعضاء مسألة أكثر تعقيداً مما توقعه أوائل المتحمسين يجعل القصة أكثر تشويقاً. إن مدى السرعة التي تستطيع البرمجيات إنشاء عوالم جديدة معها، مثل التطبيقات والألعاب والمنصات وحتى الأسلحة المطبوعة على طابعة ثلاثية الأبعاد تعطيناً أحياناً انطباعاً أننا نستطيع بالسرعة نفسها التوصل إلى نتائج في عالم البيولوجيا، مع أنه أكثر تعقيداً.

ولكن لو تفحصنا بعناية ما يحدث في مختبرات العالم كله، يتضح لنا أن اندماج علم المواد والتكنولوجيا الرقمية والبيولوجيا الخلوية تعدنا في نهاية المطاف بمعجزات مبهرة، وأمامها ستظهر كل هذه الحيل البرمجية مجرد ألعاب أطفال. حتى لو بقي أمامنا عشر سنوات أو عشرون سنة قبل أن نتمكن من طباعة حلمة الثدي، فإن الاختراق الذي ينتظرنا يبدو مستحيل الإدراك.

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق