الساعة البيولوجية للشركات
الصفحة الرئيسية التقنيات

الصحافة التكنولوجية تعمل كالساعة، وتفتل قصص الشركات في لوالب متوقعة. حكى العامل في Square آرون زاموست عن هذه النظرية ببعض التفصيل.

لا أتذكر أول من شبّه قصة تطور الشركات بالساعة. كنت أعمل حينها في Google في فريق العلاقات العامة بلا أن يكون عندي أي خبرة في هذا المجال. كنت أحاول في أيامي الأولى أن أفهم مهنتي الجديدة فأستمع إلى ما يقوله العاملون المخضرمون الذين كانوا يعملون في الشركة من زمان، فعلقت إحدى النظريات في ذاكرتي.

تاريخ الشركة يمضى كالساعة: تبدأ في منتصف الليل وتتحرك على مدار القرص. تتغير نبرة الصحافة وموقفها من الإيجابي (الفجر والنهار) إلى السلبي (الغسق والظلام). وكثيراً ما تعود القصة إلى منتصف الليل ويتبعها انبعاث وفجر جديد.

كانت قصة عابرة ولم يكن فيها شيء ثوري، فقط أنها تعكس تجربة بطلها وغيره من ممارسي رواية القصص، ولكن تبين أن التشبيه مفيد.

مرت السنين وقمت بتطوير النظرية وأملأ العلامات على قرص الساعة. ساعدني هذا على العمل في مجال التقنية؛ تبدأ المشاريع الرائدة دائماً من «قصة الإنشاء» وتمر بالطريق النموذجي وفق توقيت وادي السيليكون (ت.و.س.). طبعاً، ليس نظاماً دقيقاً، فبعض الشركات تقفز فوق ساعة أو عدة ساعات، وأخرى بالعكس تتوقف في نقطة ما فيتوقف تاريخها (تتعطل الساعة).

وعندما كنت أحسب نقطة القرص الذي تقع الشركة فيها، كان فهم الوضع يصبح أسهل فأقوم بعملي بصورة أفضل.

الساعة

12:00 ت.و.س. الولادة (الشركة لا تهم أحداً)

إذا كان أحدهم يكتب عنك في منتصف الليل، فربما ذلك لأنك كنت مشهوراً بشيء ما سابقاً، لأن مجرد إنشاء شركة لا أهمية له. وإن لم يكن الأمر كذلك، والصحافة تكتب عنك منذ البدء، فقد تكون تلك علامة سيئة.

أحياناً، ولا سيما في حالات وخيمة، يمكن أن تقطع الدورة كلها دفعة واحدة. ولكي يحدث هذا يجب أن تزعج الجميع بلا استثناء بغرورك وتباهيك بحجم التمويل والاعتماد على الدعاية.

المثال المفضل لدي هو شركة Color التي اجتذبت في مارس 2011 تمويلاً بلغ 41 مليون دولار ثم دارت الدورة من الأوج إلى الحضيض خلال 24 ساعة، ولم ترجع إلى سابق عهدها أبداً.

1:00 ت.و.س. لعبة جديدة

في الواحدة ليلاً تصدر عن شركتك أول مقالة حقيقية. إذا تم بناء علاقات صحيحة، فأي واحد يستطيع تحقيق هذا بحلول الساعة الواحدة. لقد أطلقت منتجك وحصلت على استثمارات من عدد من الأشخاص المعروفين، فصار ما تنتجه يستحق عنواناً. الآخرون لا رأي لهم بك، ولكنهم على الأقل سمعوا عنك، وهذا هام.

وأغلب شركات اليوم التي تمر بهذه المرحلة هي «Uber المستقبل» في مجال ما، مثل ترميم البيوت.

2:00 ت.و.س. الواعد

ممتاز إذا عشت حتى الثانية ليلاً، فالكثير من المشاريع الرائدة لا تعمر حتى هذا الوقت. لقد وصلت إلى سرعة جيدة. يبقى أمامك الكثير حتى تصل إلى سرعة الإفلات، ولكن من الواضح من تويتر وزيادة التغطية التي تحظى بها في المنشورات التقنية أن لديك عزماً. عندما يُكتب عنك في Buzzfeed أو Re/Code أو The Verge لا ينسون أن يذكروا عدد المستخدمين. وتبدأ الشركات الكبيرة بمقارنة منتجهم بمنتجك والتساؤل:

  • لماذا منتجهم أقل شعبية؛
  • كم من الوقت يحتاجون لاستنساخ منتجك، وهل ذلك جدير بالعناء.

مثلاً، وصل Merrkat إلى الساعة الثانية بعد نجاحه في مهرجان SXSW السينمائي في بداية هذه السنة. حذار يا Periscope!

3:00 الثائر

لا تمر جميع الشركات بالساعة الثالثة، فبعضها يحترق أثناء الانطلاق وبعضها الآخر يقفز فوق هذه المرحلة. إلا أن الساعة الثالثة ممتعة. تبدأ منشورات الأعمال الرئيسية تلاحظك (مثل New York Times وBloomberg وWall Street Journal، فتعطي لقصتك وزناً عندما تحاول تشكيل الصورة الكاملة.

يوماً ما مرت بهذه المرحلة Airbnb وSquare وUber، وفي كل حالة من هذه الحالات كان المنتج مثيراً للاهتمام حتى في مرحلته الباكرة: إمكانية تأجير غرفة أو تحميل بطاقة ائتمان على الجوال أو الطلب الفوري لسيارة سوداء فخمة. ولكن مع الزمن تبينت الإمكانيات الهائلة لهذه الشركات، فقد أدى ظهور Airbnb إلى ثورة في قطاع الفنادق، وSquare بسّطت إتاحة الخدمات المالية، أما Uber فقد قلبت سوق التكسي وغيرت التصور عن النقل.

إن Zenefits التي «هزت مجالاً لا يعرف أغلب الناس عنه شيئاً، وهو العمل مع الكوادر للمنشآت الصغرى»، كما تكتب Forbes، تقع على علامة الساعة الثالثة حالياً.

4:00 ت.و.س. لا يوجد قصص في الوادي إلا عنك

في الساعة الرابعة يبدأ التطويع بالمساهمة في تطوير الأعمال وجذب اهتمام الصحافة، فكل واحد يريد أن يعمل في «أسخن شركات الوادي». لا تجد وقتاً لجميع المقابلات الصحفية وأحياناً تصبح مصدراً للأخبار بلا قصد. إذا كان منتجك يستهدف سوق المستهلك فقد يدعونك إلى البرامج التلفزيونية الصباحية.

اليوم يقع Slack في الساعة الرابعة. ومن لا يحب Slack؟

5:00 ت.و.س. التوسع والنمو السريع

في الساعة الخامسة كل شيء ممتاز: الشركة وقيمتها في مرحلة نمو سريع. هل يقال أنك تخسر المال؟ هذا لا يهم في الساعة الخامسة. عندك استراتيجية عبقرية وتنبؤاتك واثقة والنصر محقق.

تقع Pinterest وAirbnb حالياً في الساعة الخامسة.

6:00 ت.و.س. أفضل شركة في العالم!

خلال عمر الشركة يترافق النمو والنجاح بالشكوك والكفاح. والآن، بعد أن بلغت القمة، ليس أمامك إلا الطريق إلى الأسفل.

6:01 ت.و.س. أفضل شركة في العالم؟

يبدأ كل شيء في 6:01، ويمكنك أن تختار الصياغة الدقيقة: «لا جديد»، «مشاكل في التسييل»، «العاملون يستقيلون أفواجاً». «قضايا الخصوصية» المرعبة. هذا الانعطاف فريد في كل شركة، ولكن هناك عناصر مشتركة.

7:00 ت.و.س. منتج سيء

منذ حوالي شهر وضع النقاد Dropbox في الساعة السابعة حين قالوا أن المنتج يتطور ببطء (وهذا يعني اقتراب الساعة الثامنة).

وفي الحاضر توجه إلى Twitter أسئلة من قبيل «هل هناك مستقبل عند هذه الشركة؟» بعد أن طافت قرص الساعة عدة مرات.

8:00 ت.و.س. لن يبدؤوا بالكسب أبداً

بقيت عدة سنوات في Google أحاول إزاحة YouTube عن الساعة الثامنة (بالنسبة لـWall Street Journal سيببقى هناك إلى الأبد).

علقت Foursquare في الساعة الثامنة منذ سنة 2013.

9:00 ت.و.س. المخاوف والشكوك

كانت Square (الشركة التي أعمل فيها) في التاسعة في منتصف سنة 2014. في هذا الوقت كل الأخبار، حتى الإيجابية منها، تُستقبَل وكأنها سيئة. ولا يمكنك أن تفعل شيئاً جيداً.

10:00 ت.و.س. الشركة تعاني من مصاعب

في العاشرة تبدأ الأخبار عن «الرعب» واستقالة عناصر الإدارة العليا. تزداد صعوبة توظيف عاملين جدد، وبالتالي النمو وتطوير المنتج.

استمرت الساعة العاشرة بالنسبة إلى Zynga وGroupon فترة طويلة جداً، واليوم تقع Reddit في هذه النقطة. المشاكل الداخلية التي ظهرت في الثامنة تخرج الآن إلى النور.

11:00 ت.و.س. ماذا يفعلون ببياناتنا؟

وهنا تبدأ مسائل الخصوصية. كانت Facebook يوماً مقيمة باستمرار في هذا الجزء من القرص (وقد مضت هذه المرحلة الآن على ما يبدو).

11:59 ت.و.س. أسوأ شركة في العالم

النقد يصبح شخصياً، وتبدأ المقاطعة. يشكك الناس في دوافعك ويظنون أن قراراتك تمليها طبيعتك الشريرة. أنت شركة شريرة وجشعة.

اليوم «أسوأ شركة في العالم» هي Uber.

لقد ساعدونا على النمو، والآن يمزقوننا إرباً. فماذا بعد؟

12:00 ت.و.س. الانبعاث

يحب الناس المنبعثين من الرماد.

اليوم، بعد مضي سنة على ترؤس ساتيا ناديلا لشركة Microsoft، دخلت الشركة في منتصف الليل.

وهنا، مثلما في الساعة، يبدأ اليوم الجديد في منتصف الليل. يحبوننا من جديد، ثم لا يعودون يحبوننا، ثم تخرب الساعة (وتشبيهنا كله)، وتستطيع الشركة أن تبني تاريخها من أي حبكات تجدها بين يديها، سواء الإيجابية منها أو السلبية.

المصدر: Medium

الرجاء وصف الخطأ
إغلاق