تغلبت الشركة على فشل ويندوز بإصدار نسخة جديدة؛ ولكن الصراع في سوق الهواتف الذكية لا يزال في بداياته، وأوضاع مايكروسوفت بعيدة عن المثالي.
في بداية سنة 2015 كانت مايكروسوفت مشهورة بالدرجة الأولى بفضل حالات الفشل. طبعاً، أثار ساتيا ناديلا تفاؤلاً حذراً خلال سنته الأولى في منصب المدير العام بفضل قراراته الجريئة، فخلال هذه الفترة أصدرت مايكروسوفت Office من أجل iPad وAndroid واعترفت بلينوكس واشترت ستوديو ألعاب Mojang مع لعبتها الشهيرة Minecraft مقابل 2.5 مليار دولار.
ولكن مايكروسوفت مشهورة قبل كل شيء بنظام التشغيل ويندوز؛ والإصدارة 8.1 منه التي كانت الأحدث في تلك الفترة لا يمكن وصفها بأنها محبوبة. ولحسن حظ ناديلا ومالكي الكمبيوترات الشخصية في كل العالم صارت سنة 2015 سنة التغيرات.
أعادت الإصدارة ويندوز 10 التي أعلن عنها في يناير أعادت الكثيرين إلى معسكر مايكروسوفت. إنه نظام تشغيل مدروس بعناية ذو واجهة مستخدم معتادة، وقد لاقى استقبالاً إيجابياً إجمالاً. ولكن لا يجدر بمايكروسوفت أن تركن، فالمراحل القادمة أصعب.
ويندوز 10
بدأت الشركة هذه السنة بالتقديم الرسمي لنظام تشغيل ويندوز 10 متجاوزة الإصدارة التاسعة. وتم تقديم النظام الجديد على أنه تحديث جدي استغرق تطويره زمناً طويلاً.
في تلك الفترة كان ويندوز 7 لا يزال أكثر النظم رواجاً للكمبيوترات الشخصية، رغم مضي ست سنوات على صدوره. ومن الواضح أنه لم يكن مناسباً للمستقبل الذي وصلنا إليه المليء بشاشات اللمس.
ويمثل ويندوز 8 فشلاً ذريعاً بالمقارنة مع الإصدارة السابقة، فقد حاول النظام الدمج بين واجهة اللمس ومتجر التطبيقات المنشأ مؤخراً وبين المقاربة الكلاسيكية لويندوز. وبالنتيجة فشل النظام في تحقيق المهام الجديدة والمهام القديمة معاً. حاولت الشركة تصحيح المشاكل الرئيسية في إصدارة ويندوز 8.1، ولكن الضرر كان قد حصل بالفعل.
ويبدو أن ويندوز 10 قد أصاب الهدف تماماً، إذ أنه مريح جداً على الكمبيوتر اللوحي مثل الموديل الرائد Microsoft Surface Pro 4، ويحافظ مع ذلك على الملامح الكلاسيكية لويندوز 7 كي لا يربك المستخدمين.
والنقطة الإيجابية الأخرى أن مايكروسوفت جعلت الترقية إلى ويندوز 10 مجانيةً لمستخدمي الإصدارتين 7 و8 خلال السنة الأولى بعد صدور النظام الجديد. وقد لاقى النظام الجديد الترحيب عموماً، فمنذ الإصدار الرسمي في يوليو تم تنصيب أكثر من 120 مليون نسخة منه.
ومن المنطلقات طويلة الأمد تروج مايكروسوفت بنشاط لمتجر التطبيقات Windows Store، وفيه يبيع المطورون البرمجيات التي تعمل على أي جهاز بإدارة ويندوز 10، سواء كان كمبيوتراً محمولاً أو لوحياً أو النظارة الهولوغرافية المستقبلية الرائجة.
وتحديث البرامج الثابتة في Xbox One في نوفمبر يدمج نواة ويندوز 10. تنوي مايكروسوفت أن تجعل منصة الألعاب جزءاً رئيسياً في عائلة أجهزة ويندوز. ويرى ساتيا ناديلا أن Xbox One يقع في صميم استراتيجية «البيت الذكي» ويضيف أن Xbox One «مجرد كمبيوتر آخر يعمل على ويندوز». ومع صدور النظام الجديد صارت جميع الأجهزة التي تعمل عليه متماثلة في كل أنحاء العالم.
لا يمكن أن نقول أن التحديث مضى بلا أي مشاكل، فهناك المخاوف حول خصوصية المعلومات الشخصية والاستياء من إصرار النظام على التحديثات. ولكن إجمالاً استحسن المستخدمون النظام، وهو يمحو تدريجياً الذكريات عن فشل ويندوز 8.1.
المشاكل
إذن، ثمة أمور تغيرت خلال السنة الماضية. ولكن مايكروسوفت تواجه مشكلة أخرى ذات أبعاد كارثية، وهي الهواتف الذكية. إن أوضاع الشركة في هذا السوق غير مستقرة لدرجة أن بعض المحللين ينكرون أي فرصة لها للنجاح.
يحتمل أن ويندوز 10 صارت أفضل إصدارة في التاريخ. ولكن تغطيتها تتقلص كل يوم، فبدون حصة ملموسة في سوق الهواتف الذكية يبقى النظام خارج الانتقال التكنولوجي الكبير الذي يترافق بتزايد غير مسبوق في المنافسة.
تتراوح حصة مايكروسوفت في سوق الهواتف الذكية العالمي حول 3٪. للمقارنة، فإن Google Android أكثر نظم التشغيل النقالة رواجاً في العالم اليوم، ما يجعله الأكثر انتشاراً، ويحتل المرتبة الثانية نظام iOS من Apple. استطاع هذا النظام تحويل iPhone إلى مجال أعمال ضخم. وخلال الأرباع الأربعة الماضية كانت عائدات Apple من iPhone أعلى من كامل عائدات مايكروسوفت أو أي شركة تكنولوجية أخرى في العالم.
هذا الأمر سيحتاج إلى الكثير من التفكير. الهواتف الذكية تعيش وتموت حسب التطبيقات المتاحة لها. مع أن مايكروسوفت عقدت بعض اتفاقات الشراكة الواعدة مع Facebook وUber، لا تزال الإصدارة النقالة للنظام الجديد متخلفة كثيراً من حيث عدد التطبيقات عن iPhone أو Android.
يؤدي هذا كله إلى حلقة معيبة: لا أحد يشتري هواتف ويندوز بسبب قلة التطبيقات، والتطبيقات قليلة لأن عدد مستخدمي هواتف ويندوز قليل فلا يكفي ليكون جديراً بجهود المطورين.
وفي هذه الأحيان تقدم Google و Apple كمبيوتراتها اللوحية على أنها بديل عن الكمبيوترات المحمولة، وهذا تلميح واضح على أن المنافسين يعتقدون أن نظام تشغيل كل واحد منهما قادر على أن يحل محل ويندوز.
إذن، فالمعركة في خضمها. هناك إشاعات أن مايكروسوفت تنوي في السنة القادمة إصدار هاتف ذكي فائق جديد قد يقلب الأوضاع جذرياً. وإن حقق ناديلا النجاح في هذا المجال سيكون ذلك حدثاً فريداً يستحق التدوين في كتب التاريخ.