باتت العملات المشفرة والبلوكشين ظواهر معروفة في هذا البلد الأفريقي، وهذا هو السبب.
في الآونة الأخيرة كثر عدد المواطنين العاديين ورجال أعمال نيجيريا الذين ينظرون إلى البيتكوين وهو (EXANTE: Bitcoin) بمثابة بديل للعملة الوطنية نايرا التي تعاني من التقلب العالي. بيد أنه ما يثير الفضول أن اهتمام النيجيريين بالعملات المشفرة قد بدأ ليس من الضجيج العام وإنما من الاحتيال.
الهرم المالي
في الفترة ما بين نهاية عام 2015 ونهاية عام 2016 خدع النصاب الروسي المعروف سيرغي مافرودي ملايين النيجيريين واعداً إياهم بدخل قدره 30% خلال 30 يوم. من أجل ذلك كان لا بد من الإيداع المالي في Mavrodi Mondial Moneybox أي (MMM) وهي وحدة أعمال الهرم المالي المؤسس في الاتحاد السوفيتي عام 1989.
منذ شهر فبراير وحتى يوليو من عام 2016 قفز عدد المشاركين في الهرم من عدة آلاف إلى مليونين. كان ينضم النيجيريون إلى البرنامج رغم التحذيرات الكثيرة من لدن المصرف المركزي ولجنة الجرائم الاقتصادية والمالية (وقد أقبلت الأخيرة منها بعد ذلك إلى التحقيق في نشاط الهرم). لم يكن سعي المواطنين نحو الانضمام إلى МММ فجائياً فقد عانت البلاد من أحد أزمة اقتصادية خلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة.
حين بدأت السلطات تجمد الحسابات المتعلقة بالهرم امتنع مشغلوه عن خدمات المصرف وانتقلوا إلى البيتكوين مؤكدين السكان المحليين أن المستقبل وراءه.
انهار الهرم قبيل عيد الميلاد عام 2016 مجمعاً 50 مليون دولار (لاحظ أن متوسط الدخل السنوي في هذه البلاد لا يزيد عن 3 آلاف دولار). تأذى منه حوالي 3 ملايين نيجيري. بيد أن МММ بالذات عرّف السكان بعالم العملات المشفرة. يمكن القول أنهم كانوا يعانون من شعور مختلط حين توفي مافرودي في 25 مارس عام 2018 إثر نوبة قلبية في إحدى مستشفيات موسكو عن عمر يناهز 63 سنة.
ولكن لم يهدأ بال النصابين في البلاد مع توقف نشاط МММ. امتلأت بورصات العملات المشفرة والمسنجرات وحتى شوارع العاصمة لاغوس والمدن الأخرى برجال الأعمال المشكوكين يوعدون الناس بالمال السريع ويختفون حالماً تطرح أسئلة.
نيجيريا كمركز العملات المشفرة
خلال عدة سنوات أخيرة تحولت نيجيريا إلى مركز العملات المشفرة الكبير. من بين المنجزات الأخيرة تشغيل منصة Quidax لتبادل الأصول الرقمية في البلاد.
حسب الوضع في شهر ديسمبر من عام 2017 كانت نيجيريا في المرتبة الثانية في العالم بعد الصين من حيث التجارة المحلية للبيتكوين. ارتفعت كمية المعاملات أحادية الدرجة خلال سنة بـ15 مرة تقريباً، وزاد حجم التداول عن 115 مليون دولار. لقد حدث ذلك في نتيجة إصلاح النظام المالي حين انخفضت قيمة العملة المحلية بنسبة 12,4%.
تصرفات السلطات
حذر المصرف المركزي النيجيري المواطنين غير مرة من خطر الاستثمار في العملات المشفرة. في شهر يناير من هذا العام صرح منظم التحكم غودفين إمفيليه أن "الاستثمار في العملات المشفرة هي مضاربات" وأشار إلى جواز حظرها. وقال في مقابلة مع Bloomberg:
"لا يستطيع المصرف المركزي فعل أي شيء في حال الناس مستعدون على المخاطرة بمدخراتهم بأنفسهم".
أصدر المصرف المركزي النيجيري في شهر يناير من عام 2017مذكرة توجيهية للدائنين مع رجاء التهرب عن استخدام وخزن وتجارة العملات الافتراضية "دون قرار خاص من لدن المصرف المركزي أو إدخال الأحكام التنظيمية".
وبعد شهر أشار أديكو إغوتشيه رئيس قسم الأبحاث في الشركة النيجيرية لتأمين الودائع أن "العملات المشفرة ليست ودائع أو أدوات مالية التي أباحها المصرف المركزي النيجيري، لذا فهي غير مأمنة في الشركة النيجيرية لتأمين الودائع".
كما وأضاف: "هذه الأنواع من العملات غير معززة بأي أصل مادي مثل الذهب أو الأحجار الكريمة. إنها لا تنتمي إلى عداد العملات التي أصدرها المصرف المركزي النيجيري أو أي مصرف مركزي في البلدان أخرى".
كما أنذر أن الحائزين على العملات المشفرة يتحملون كامل المسؤولية عن أية خسائر متعلقة بها.
في 26 أبريل من عام 2018دعا مجلس النواب المصرف المركزي النيجيري و الشركة النيجيرية لتأمين الودائع إلى إنشاء الأساس الشرعي للتحكم بتكنولوجيا البلوكشين.
البلوكشين كطريقة مكافحة الفساد
كما ولا ينسون البلوكشين في نيجيريا. تنوي هذه الدولة الأفريقية مكافحة الفساد بمساعدته. تصمم هيئة الجمارك النيجرية تطبيق Oracle’s Blockchain Cloud Service الذي سيجوز بواسطته التحكم بالعمليات التجارية وفي آخر الأمر هذا إلى تشكيل بيئة خالية من الفساد. سيتم استخدام المنصة لتوثيق ومراقبة المنتجات المنتجة في البلاد وكذلك لحساب التراخيص والتصريحات.