يراقب الكثيرون بإمعان سعر البيتكوين ولكن قلّ من يعرف كيف يتم تحديده. البيتكوين يختلف كثيراً عن الأصول التقليدية مثل الأسهم والسلع الخام، لذا يتعلق حساب تسعيرته ببعض المميزات. لنحدث عنها بالتفصيل.
ماذا يعني "سعر البيتكوين" في الحقيقة
حين يتكلمون عن ثمن البيتكوين وهو (Bitcoin: BITCOIN) يقصدون عادة قيمته بالدولار الأمريكي في إحدى البورصات الرائدة (مثل Bitfinex أو Binance أو Bitstamp) أو ثمنه التركيبي الناتج عن المتوسط الحسابي للتسعيرات في عدة بورصات (كما هو على الموقع CoinMarketCap).
حين يتكلمون عن سعره في بورصة محددة يقصدون بذلك عادة سعر الصفقة الأخيرة التي وقعت في تلك البورصة. مثلاً بما أن سعر البيتكوين في Bitstamp هو 10000 دولار فهذا يعني أن الصفقة الأخيرة التي أجريت في هذه البورصة أجريت بهذا السعر بالذات. وحين تقع الصفقة المقبلة يتغير السعر على النحو الملائم.
بما أن البيتكوين هو أصل لامركزي يتداول في مئات مختلف البورصات ليس ثمة ثمن موحد له. في كل ساحة تجارية له سعره (ولو أن الأسعار تكون بالعادة قريبة جداً من بعضها البعض).
تحديد الثمن
تنحصر عملية تحديد الثمن في أن الباعة والمشترين يتقابلون في بورصة العملات المشفرة (أو أية ساحة أخرى) فيجدون السعر بطريقة مجربة ترضي كلا الطرفين. يريد المشترون شراء البيتكوين بثمن أرخص قدر المستطاع، أما الباعة فيسعون نحو بيعه بثمن أغلى قدر المستطاع. لكي تتم الصفقة ينبغي لكلا الطرفين إيجاد حل وسط. كما قيل أعلاه سعر البيتكوين الجاري في أية بورصة هو سعره الأخير الذي اتفق عليه الباعة والمشترون. دعنا ننظر بالتفصيل كيف تتوصل الأطراف إلى حل وسط في بورصة العملات المشفرة.
كتاب الطلبات
توجد في الواجهة التجارية لدى كل بورصة العملات المشفرة ما يسمى بكتاب الطلبات. بالطبع إنه ليس ككتاب عادي وإنما مجرد مكان في الشاشة حيث تدرج البيانات حول تنفيذ أوامر البيع أو الشراء.
توجد في إحدى أقسامها كل المذكرات العاملة على شراء البيتكوين بسعر محدد أو مقترحات المشترين (bids). وفي القسم الآخر توجد مذكرات على البيع بسعر محدد أو مقترحات الباعة (asks).
عدا ذلك تعرض عادة على شكل قائمة أو جدول كل الصفقات الأخيرة، وهذا مثال على ذلك:
توجد مذكرات البيع في أعلى الجدول، وهي تعرض ما هو سعر وكمية العملة المشفرة التي يستعد الباعة على ترويجها. في حقيقة الأمر الطلبات بالطبع أكثر، فتعرض عادة المواقف القريبة من السعر الجاري. وفي الأسفل توجد مذكرات البيع. وبالشكل المماثل يعرض في كل سطر الثمن وكمية العملة المشفرة التي يستعد المستثمرون على الحصول عليها.
يحتوي القسم الأسفل من الجدول على تاريخ المناقصات حيث تعرض معلمات الصفقات الأخيرة. سيكون السعر الجاري للبيتكوين هو سعر الصفقة الأخيرة التي تعكس تقدير العملة المشفرة في البورصة – أي تسعيرتها – وسيتغير فقط بعد إجراء صفقة أخرى.
الصانعون والمستلمون
بالعادة يفسرون تغير تسعيرات البيتكوين بوجود عدد كبير من المشترين أو الباعة في السوق. ولكن هذا ليس صحيحاً أبداً. يوجد في كل صفقة طرفان لذا عدد الباعة والمشترين مع حساب الأحجام يكون متساوياً دوماً.
في حقيقة الأمر يؤدي إلى تغير التسعيرات النشاط العالي من لدن واحد من الطرفين المستعد على الدفع على الانتشار. الانتشار هو الفرق بين الثمن الأعلى الذي يستعد على دفعه الشاري والثمن الأخفض الذي يستعد على قبضه البائع. لنفرض أن المستثمر مستعد على الدفع لقاء البيتكوين 9350 دولار، أما البائع فيريد أن يقبض لقائه 9400 دولار. في هذا الحال الانتشار يعادل 50 دولار (9400 – 9350).
من أجل إجراء الصفقة يجب أن يدفع أحد الطرفين هذا الثمن، ويسمونه بالمستلم وذلك لأنه يقبل الاقتراح الذي قدمه الطرف الذي صنع المذكرة مع حجم وثمن محددين (الصانع).
كيف يؤثر المستلمون على السعر
لنفرض أن المشترين متأكدون من أن سعر البيتكوين بعد عدة أيام سيبلغ 10000 دولار. في هذا الحال إنهم يلعبون دور المستلمين ومستعدون على الدفع على الانتشار بشراء كل حجم العملة المشفرة المقترح على مستوى 9400 دولار. إذا غلي البيتكوين ووصل إلى 10000 دولار فإنهم سيقبضون 600 دولار من الربح. حين "يبتلع" المشترون كل القطع النقدية المقترحة بـ9400 دولار فإنهم ينتقلون إلى المستوى 9450 دولار ثم 9500 دولار وهكذا.
إذا أبدى المشترون عن النشاط الفائض سرعان ما يدرك الباعة ذلك ويبدؤون برفع سعر العرض. ستستمر هذه العملية ريثما ينفذ ضغط المشترين ومن ثم يغير اتجاهه. مع الزمن تؤدي الدوافع من هذا النوع إلى ارتفاع أو انخفاض التسعيرات.
الأسعار في مختلف البورصات
تستمر العملية الموصوفة أعلاه بلا انقطاع في مئات بورصات العملات المشفرة في كل العالم. وهكذا فإن السعر "الرسمي" الموحد على البيتكوين ليس له وجود، إذ في كل بورصة سعرها الخاص ويختلف عن سائره.
يحافظ التحكيم على الأسعار على مستوى واحد تقريباً. تستغل هذه الاستراتيجية التجارية الفرق بين الأسعار في مختلف الساحات. مثلاً إذا كان سعر البيتكوين في BitStamp أرخص مما هو في Coinbase فيجوز للتجار شراء العملة المشفرة في البورصة الأولى ومن ثم بيعها في الثانية. أما التحكيم فيحافظ على الأسعار على مستوى واحد تقريباً.
البورصات الرائدة
وأخيراً ينبغي الإشارة إلى نفوذ البورصات الرائدة. إنها عبارة عن ساحات ذات أكبر حجم المناقصات حيث تعتبر الأسعار أكثر "رسمية". مثلاً إذا قفز سعر البيتكوين في إحدى هذه البورصات الكبرى مثل Bitfinex و Binance و Bitstamp (أو في كل الثلاثة) فمن المؤكد أن التسعيرات في سائر الساحات ستتبعها.
تفسر هذه الظاهرة بأن معظم التجار يراقبون بإمعان الأسعار في البورصات الكبرى ينتظرون متى تجري الساحات الأصغر منها حجماً مجراها بسبب التحكيم وتصرفات التجار الآخرين.
يعمل هذا التأثير حتى في حال البوصات الواقعة في مختلف أرجاء العالم. مثلاً إذا أخذ البيتكوين يرخص في اليابان بالنسبة للين مع سائر الشروط المتكافئة فمن المؤكد أنه ستتبعها الساحات الأوروبية والأمريكية المقومة بالأزواج باليورو والدولار.
مؤشر السعر
بما أن السعر الرسمي للبيتكوين ليس له وجود فبعض المواقع والشركات يحسبون مؤشره بناء على البيانات الموجودة. من أجل ذلك يوزنون القيمة بمختلف العملات الرائدة وفقاً لحجم المبيعات ويبلغون معدله. مثلاً يحسب مؤشر Bitcoin Liquid Index المقترح من قبل الموقع BraveNewCoin بناء على ثمن البيتكوين بالدولار الأمريكي واليوان الصيني واليورو في تسع بورصات كبرى.
تنحصر أفضلية المؤشرات كهذه في أنها تخفف من عواقب النشاط التجاري الشاذ في إحدى البورصات. مثلاً قرر تاجر كبير ما بيع 25 ألف بيتكوين في Bitfinex دفعة واحدة. سعر العملة المشفرة في هذه البورصة سينخفض كثيراً وسيمر بعض الوقت قبل عودته إلى المستوى السابق. أما مؤشر السعر فيساعد على تخفيف هذه التقلبات.