كما هي الحال مع الأصول المالية التقليدية تلعب البورصات دوراً رئيسياً في سوق العملات المشفرة. قد تغدو البورصات بالذات عوائق في عالم الأصول الرقمية الذي يتشكل بسرعة مذهلة. يبدو للوهلة الأولى أنها تشبه كثيراً منصات الأسهم وذلك لأنها تقابل الباعة بالمشترين وتشارك في عملية تحديد الأسعار. ولكن لديها كذلك اختلافات كبيرة تعرض المستثمرين للمخاطر التي هم لا يدركونها بصورة كافية. وهذا يقلق المنظمين ويؤدي إلى ظهور أنواع جديدة من البورصات التي تخلو من هذه العيوب.
ما هي الصفات المشتركة والمختلفة بين بورصات الأوراق المالية وبورصات العملات المشفرة؟
إنهما تقومان بوظيفة مشتركة ألا وهي توفير دوران الأصول، ولكن تلك هي الصفة المشتركة الوحيدة بينهما. تخزن بورصات العملات المشفرة أصول المستثمرين وتقبض عمولات. في الأسواق العادية يقوم الوسطاء بهذه الوظائف ، وفي النتيجة تتفوق ربحية بورصات العملات المشفرة على ربحية التقليدية منها بشكل ملحوظ.
وينحصر الفرق الآخر المهم في التنظيم. بورصات الأوراق المالية تتعرض للمراقبة الصارمة من لدن هيئات الإشراف في حين أن الرقمية منها متروكة لنفسها في معظم الدوائر القضائية.
ما هي المخاطر التي تنجم عن هذه الفوارق؟
الحماية التي تتصف بها بورصات الأوراق المالية لا وجود لها في بورصات العملات المشفرة. أكبر خطر محتمل للمستثمر هو جواز إضاعة كل أمواله بسبب هجوم القراصنة أو إفلاس البورصة.
ففي شهر يناير فقدت Coincheck حوالي 500 مليون دولار، وفي شهر يونيو تم خرق في كوريا الجنوبية بورصتين من العملات المشفرة. اعتباراً من منتصف عام 2014 أغلقت عدة بورصات أبوابها بما فيها بعد الاختراق، أما نشاط غيرها فأوقفته السلطات.
أين تذهب التوكنات المسروقة؟
إنها واحدة من أغرب نواحي السرقة. إذ بما أن المعاملات مع البيتكوين والكثير من العملات المشفرة الأخرى علنية من السهل الرؤية إلى أي عنوان جاءت القطع النقدية المسروقة.
يمكن للسارقين أن يحاولوا "غسل" المال بواسطة الخدمة مثل ShapeShift حيث يمكن تجارة العملات المشفرة دون تقديم البيانات الشخصية أو تحويل عملتك إلى عملة مجهولة أكثر مثل Monero مثلاً. بيد أن ShapeShift قفل العناوين المتعلقة بسرقة 500 مليون دولار في شهر يناير. كما وتوجد الخدمات "المخلطة" للمعاملات التي تخفي بذلك المرسلين المستلمين، بيد أنه في غالب الأحيان المبلغ المسروق يكون كبيراً لدرجة أن إضفاء طابع الشرعية عليه صعب جداً.
كيف يمكن للمستثمرين أن يحموا أنفسهم؟
يمكنهم أن يخزنوا توكناتهم الشخصية في المحافظ أو في ما يسمى بالخزائن الباردة، ولكنهم بالعادة لا يستميلمون لذلك.
يتصرف التجار النشطاء بشكل آخر: يقسمون أصولهم إلى عدة أجزاء ويوزعونها في بورصات مختلفة. تحاول بعض المنصات الرفع من أمن التجارة، فـ Gemini Trustمثلاً استخدمت خدمات شركة Nasdaq لمراقبة المعاملات مع البيتكوين والاثريوم التي يحتمل أن تكون خطرة.
وماذا عن الإشراف الحكومي؟
ما زالت السلطات في كل العالم في بداية إدراكها لأفضليات وأخطار العملات المشفرة ورد فعلها غامض. في العام الماضي أدخلت اليابان نظام ترخيص البورصات الرقمية، أما الصين التي كانت أيام زمان مركزاً عالمياً لتجارة العملات المشفرة قيدت عملها بشدة. أما مالطا الدولة الصغيرة في البحر المتوسط تبذل قصارى جهدها لتصبح مركزاً دولياً للعملات المشفرة. ومن أجل هذا تصمم سلطاتها المحاضر المعيارية المناسبة.
ماذا يفعل المنظمون من أجل حماية المستثمرين؟
غالباً ما يسمع المستثمرون من السلطات التنبيهات ولا سيما بشأن الأسعار المتغيرة وجواز فقدان كل الأصول. في شهر مارس صرح رئيس مصرف إنجلترا مارك كارني أنه قد حان الأوان لوضع حد "لفوضى العملات المشفرة" وتوصيل الصناعة بالمعايير التي تتصف بها سائر النظم المالية.
في شهر أبريل طلب المدعي العام لولاية نيويورك إيريك شنايدرمان من 13 بورصة تقديم بياناتها حول الآليات الداخلية للمراقبة وسبل حماية العملاء.
ما هو رد فعل البورصات؟
ترد البورصات بتغييرات أساسية. يظهر جيل جديد من الساحات المعروفة كالساحات التجارية اللامركزية. هذه البورصات لا تخزن أموال العملاء وإنما فقط تجعل المقابلة بين الباعة والمشترين فتسمح بذلك إجراء صفقات للمستثمرين بأنفسهم. تمثل هذه البورصات بجوهرها منصات أحادية الدرجة. يرفع تركيب كهذا من شفافية العمل وتركيب العمولات بالمقارنة مع النموذج الجاري.
هل البورصات اللامركزية هي مستقبل تجارة العملات المشفرة؟
يعود الجواب على هذا السؤال إلى من تطرحه له. يعتبر سام تابار استراتيجي AirSwap الذي فتح بورصته اللامركزية الخاصة في شهر أبريل أن أهم موضوع لهذا العام سيكون هجرة التجار إلى الساحات الجديدة. أشاد تشيا هوك لاي رئيس Singapore Fintech Association أن الطراز الجديد للبورصات له عيوبه مثل قلة الراحة عند الاستعمال والمستوى المنخفض من الدعم الفني. ديفيد لي مؤلف "دليل العملات المشفرة" ("Handbook of Digital Currency") متأكد من أنه بعد مضي 5-10 سنوات معظم تجارات العملات المشفرة ستتم على الساحات اللامركزية بالذات.